بقلم / كمال جاسم العزاوي
الموصل / العراق
ليست دعوة الى التكسب والجشع فقد خلق الانسان على فطرته محباً للمال حباً جماً لكنها فكرة للبحث في التأثير المادي المباشر للمال
على حياة الانسان ومدى استقامتها أو العكس بهذا الترياق الساحرالذي يغير النفوس ويقلب الموازين فمنذ بدء الخليقة تنازعت الانسان
هواجس التملك والبحث عن اشباع رغباته المادية في أعلى درجاتها وسلك في سبيل ذلك كل الطرق المشروعة وغير المشروعة وأشعل
الحروب وأقام الامبراطوريات والمال كان الممهد لنشأة الحضارات و قيام الصناعات وتطورها ولاشك في أن المال يدخل كالرقم الصعب
للمعادلة فيقلبها رأساً على عقب ويغير النتائج وينقل حائزه من حال الى حال وهو يقدم اليك أفضل الخيارات ويسهل أصعبها ويختصر
الوقت والجهد ليضمن لك أفضل النتائج ولو حالفك الحظ يوماً وكنت من أصحابه فستلمس هذا في المواقف التالية
– المال يجعل يدك هي العليا في الانفاق والتصدق فتكسب بذلك رضا الله ودعوات الفقراء
– المال يجعل الخدمات الصحية والتعليمية والادارية بين يديك دون أن تلهث وراءها وتلزم الطوابير
– المال يرفع شأن الانسان مهما كان وضيعاً فليس بامكانك مجاراته بخلقك الحسن المجرد من الجاه
– المال ينصّب الجاهل ويجمع الوصوليين من حوله فلا يمكنك مجاراته بثقافتك أو خبرتك المجردة من العلاقات الاجتماعية
– المال ترياق الفقر وبلسمه الشافي في مجتمع لا يعرف كيف يسمو بدونه فلا يمكنك مجاراة الغني بالتقدير وأنت مولع بكنوز القناعة
– المال يغطي عيوب العقل وعيوب البدن فلا يمكنك مجاراة صاحب العيب بكمال عقلك وسلامة بدنك المجردان من (غطاء العملة)
– وأخيراً فالمال يعطيك حرية التنقل والابتعاد عن كل ما يعكر صفو مزاجك من متطفلين وعاهات بشرية وكائنات غريبة
أما الوجه الآخر لكثرة المال فسيدخلك في متاهات عديدة ستلمسها في المواقف التالية
– المال سيجعلك عرضة لحسد وحقد المحرومين وسخط الرب ان أنت استأثرت به لنفسك ولم تؤدّ حقه في الانفاق الذي وجب عليك
– التفكير في الحفاظ على المال وتنميته والخوف من فقده سيدخلك دوامة القلق ويسلبك راحة البال والنوم الهانيء
– المال يجعل منك البطل المنقذ للكثير من المحتاجين وستتعرض للكثير من اللوم والتعنيف على التقصير وتتهم بالبخل مهما كنت سخياً
– المال سيجعلك من المشاهير وستتعرض للابتزاز و ستكون مستهدفاً من اللصوص ومافيات الاجرام وقد تفقد حياتك بسببه
رغم كل مزايا هذا المال وتفوقه فقد يتحول الى نقمة ويصبح وبالاً على مكتنزه ان لم يحسن وضعه بمساره الصحيح والتعامل المتعقل مع
مزاياه واغراءاته فهذه بداهة واضحة ولها أمثلة في التاريخ والدين فقارون الذي اوتي من خزائن الكنوز ما يصعب حمل مفاتحه وفرعون
الذي اوتي زينة الدنيا وسلطتها لم يتنقذهما كنوزهما من الهلاك وسوء العاقبة والعكس صحيح أيضاً فالمال يصلح شأن الامم بالحضارة
والتقدم ويسعد الانسان ان هو أحسن به التصرف