تقرير د. سامي هاشم الحسناوي
تحت شعار توظيف القيم العربية الأصيلة لترصين البحث العلمي والارتقاء به نحو الأفضل ،أقامت إمارة بني حسن مؤتمرها العلمي الأول ويهدف المؤتمر الذي استمر يومين إلى إبراز الدور المشرف لأبناء العشائر العراقية و إلى رفد كل ما من شأنه الارتقاء بدعم البحث العلمي ونبذ العادات السيئة والدخيلة على النسيج الاجتماعي العراقي وبما يعزز قيم المحبة والتأخي والتآزر. وتضمن المؤتمر الذي أقيم في مضيف الحاج الشيخ قاسم آل جواد آل حبيب شيخ عشائر بني حسن مناقشات عديدة لبحوث وأوراق عمل بحثية في ميادين عديدة ومختلفة في مجال التاريخ والأدب وعلم الاجتماع والزراعة والصناعة والتجارة وتعزيز هذه الطاقات الابداعية من ابناء العشائر وزجها في ميدان العمل لخدمة العراق الجديد.
واستهل المؤتمر الذي حضره وكيل وزارة الخارجية السيد عمر البرزنچي ومستشار رئيس الوزراء الدكتورة جوان معصوم ورؤساء وعمداء جامعات وأساتذة وأكاديميين من مختلف الجامعات والتخصصات العلمية اضافة الى رؤساء العشائر ورجال دين وفنانين ومثقفين وأدباء، استهل بتلاوة من الذكر الحكيم والوقوف دقيقة لقراءة سورة الفاتحة ترحما على ارواح شهداء العراق.
ثم القى الشيخ قاسم جواد ال حبيب كلمة ترحيبية قال فيها: لقد تميز المجتمع العراقي بتعددية القبائل والقوميات والأديان هذه التعددية أفرزت تعددية ثقافية وعقلية وبالنتيجة تعددية السلوك الاجتماعي والسياسي والثقافي موضحا بأن قوانين الجغرافية قد شكلت حدودا تبلورت فيها وحدات اجتماعية يطلق عليها القبيلة تقوم بتنظيم العلاقة بين أفرادها و تتمتع بسمات وأفكار مترابطة ك سلة متماسكة ترسم صورة القبيلة كمؤسسة اجتماعية متكاملة ذات مبادئ اساسية متفق عليها مشيرا الى اننا ازاء هذه التصورات عقدنا العزم والأمل يحدونا بأن تكون للعشائر العراقية دورا مهما في رفد مسيرة بلادنا بالعلم والمعرفة،وتجسيد هذا بانعقاد مؤتمر علمي وهو سابقة وطنية جديدة أن تكون القبيلة لها دور في هذا المجال ويقدم هوية جديدة تبتعد عن حل النزاعات والصراعات وتدخل في هذا الميدان العلمي لأن أصحاب الكفاءات العلمية هم من هذا النسيج الاجتماعي الكبير.
مختتما بالقول : لابد ان نتذكر ان العشيرة ك قوة متماسكة في وجه العوامل البشرية الطبيعية تعترضها أخطار وعلينا جميعا ان ندرك ان بلدنا يحتاج منا مواقف كثيرة وهذا دين في اعناقنا و شكرا لحضوركم الذي سيكون له دور في نفوسنا وضمائرنا
ثم القى السيد عمر البرزنجي وكيل وزارة الخارجية كلمة في المؤتمر قال فيها : إن الإسلام دعا إلى التمسك بالعشيرة فيما يكون في طاعة الله وبفرض الوصول إلى مرضاته ونهى عن اتباع العشيرة الى ما كان عليه الأقوام السابقة من عصبية ونصرها بالحق أو بالباطل في قوله تعالى ( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ )وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )
موضحا بالقول أن الإسلام أعطى للعشيرة أهمية كبيرة بين الأمم في عصر الدعوة الإسلامية إذ أنه أعلن رفضه لبعض المفاهيم السلبية التي كانت سائدة بين العشائر والتي تتنافى مع التعاليم الأخلاقية والقيم الإنسانية مؤكدا أن العشيرة في الإسلام كانت قائمة على صلة الرحم وتظهر أهمية العشيرة بوضوح في كلام الإمام علي لابنه الحسن عليهما السلام بقوله ( أكرم عشيرتك فإنهم أصلك الذي إليه تصير و جناحك الذي به تطير وهم العدة عند الشدة أكرم كريمهم وعد لهم سقيمهم ولا يستغني الرجل عن عشيرته ولو كان ذو مال كبير )
مختتما كلمته بالقول: نبارك لكم هذا المؤتمر الرصين و القويم سيكون باكورة عمل جديدة ستكون منهجا لأبناء العراق من رجالات العلم والمعرفة لرفد الإنجاز العلمي للعراق الحبيب بالعديد من قصص النجاح
فيما شارك في هذه الندوة أيضا الشيخ الدكتور حسان علاوي الدليمي مدير عام الدائرة الإدارية في وزارة الخارجية بكلمة في هذا المؤتمر حول السياسة الخارجية ودور الوزارة ومعالي الوزير في إنجاح سياسة العراق الخارجية قائلا : إن المقصود بالسياسة الخارجية هي إنها إدارة العلاقات مع الدول الأخرى وفتح آفاق للمجتمع الدولي لما يصب في المصلحة الوطنية للدول والدفاع عن مصالح الشعب وهذا جسده معالي وزير الخارجية ونائب رئيس مجلس الوزراء الأستاذ فؤاد حسين في كافة الأصعدة والميادين عبر لقاءاته المستمرة خلال زيارته إلى دول العالم كافة موضحا إن الوحدة الوطنية هي أساس القوة في تنفيذ السياسة الخارجية وبالتالي الدفاع عن المصالح الوطنية مؤكدا إن الخلافات في المواقف السياسية هي صورة من صور الديمقراطية ولا بد من إنجاح السياسة الخارجية مع اتفاق على خطوط عريضة لتحديد المصالح الوطنية العليا لتكون هدف رئيسي في عمل هذه الوزارة.
وتحدث الشيخ عقيل ابن حميد آل صگبان شيخ عشيرة آل بو عريف: انطلاقا من دور العشائر في رفض مؤسسات المجتمع بالجوانب التي تخدم مسيرة بلادنا فكرنا في تنظيم هذا المؤتمر والذي سيقدم بحوثا أكاديمية وعلمية لجوانب اخرى مثل التأكيد على التماسك الاجتماعي والضبط الاجتماعي والأمن المجتمعي و مفهوم السلم الاجتماعي والاحتكام إلى القانون والذي يمثل أحد أهم عوامل تحقيق المساواة والعدالة في العلاقات بين الأفراد والجماعات، اضافة الى حرية التعبير والتي تعد من مستلزمات عملية بناء السلم الاجتماعي في أي مجتمع.
وأشار الشيخ عقيل: إن علينا واجب مضاعف يتمثل بالمساهمة الفاعلة في ترصين ابنائنا من الجريمة والتقاليد الدخيلة التي جاءت من خارج جغرافيا البلاد والواجب علينا محاربة هذه الظواهر ومن خلال هذا المؤتمر سوف نتطرق اليها ومعالجتها النصح والوعظ والإرشاد.
وتطرق الشيخ نصير الدبعون شيخ عشيرة السلامات إلى المبادرة التي قامت بها إمارة بن حسن في هذا الاتجاه بالقول: تشكل العشائر العراقية جزءا أساسيا من المجتمع العراقي حافظت على امتدادها وبقائها على الرغم من الأزمات السياسية المختلفة التي عصفت بالبلاد وهنا جاء هذا المؤتمر ليجسد عدد من التفاصيل في البحوث التي ركزت على دور أبناء العشيرة في المساهمة جنبا إلى جنب مع مؤسسات دولة رصينة ولتكون ركيزة للنهوض بالواقع الخدمي والصناعي وغيرها من مرافق الحياة التي يجب على المجتمع المساهمة بها مع أجهزة الدولة الرسمية.
واختُتم الحديث بمداخلة للدكتور عبد الحسن العباسي رئيس اللجنة العليا لهذا المؤتمر وهو الذي أسس ودعا له منذ فترة طويلة وتحقق الآن حيث قال حول تحصين المجتمع من بعض التفاصيل السلبية: إن من أسس تحصين المجتمع غرس الوعي الديني والثقافي فالثقافة الإسلامية بما فيها من مبادئ وقيم ونظم لها دور خاص ولها تفاصيل كثيرة من هذه الأمة التي استمدت من تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مشيرا : تسعى جماعات البشرية عموما للحفاظ على ذاتها وخصوصيتها من أي اختراق قد يساهم في زوالها عن أصل عقيدتها ورؤيتها الفكرية موضحا لقد ساهم الأخوة الأكاديميين في بحوثهم على جوانب مختلفة تخدم المجتمع عامة من خلال هذه الدراسات التي تم مناقشتها وترتيبها ورفع مقترحات الى الجهات ذات العلاقة للبت بها
ويذكر أن المحاور التي تناولها المؤتمر تشمل الأدب واللغة العربية ومحور التربية والعلوم الإنسانية ومحاور تاريخية وزراعية وتجارية وصناعية وخرج المؤتمر بتوصيات عديدة سيتم إعدادها وإرسالها الى الجهات ذات العلاقة ليتم الاستفادة منها، وقد ادار المؤتمر نخبة من الاساتذة وهم الدكتور رياض شمخي والاستاذ الدكتور علي عبد الفتاح والأستاذ الدكتور حيدر عذاب والاستاذ أركان عامر اضافة الى لجان علمية وتحضيرية وإعلامية مختلفة وأشاد العديد من الضيوف بهذا المؤتمر وهذه المبادرة التي ستكون عاملا مساعدا في بناء وترصين أسس المجتمع العراقي
وفي نهاية المؤتمر تم توزيع دروع وشهادات تقديرية على المشاركين في هذا الكرنفال الثقافي والأدبي.