عبد الرسول الاسدي
يمتد خيلاء هذه المسيرة المليونية منذ قرون طويلة تطاولت عليها الأزمنة وتعاقب الملوك والسلاطين وتعددت الإبتلاءات وهي تكبر وتستمر بل تصبح تظاهرة مليونية عالمية ليس لها نظير أو شبيه.
ولأن حب الحسين عليه السلام هو من أوقد تلك الجمرة في قلوب المحبين الى يوم القيامة فان الجموع المليونية التي تزحف اليوم صوب قبلة الأحرار تلبي نداء خالدا وهتاف سيبقى يرعب الجبابرة والمجرمين والظالمين الى الأبد . انه نداء لبيك يا حسين لبيك يا سيد الأحرار وقبلة الثائرين.
فكل ما لدينا ينفذ إلا ذلك الحب الكبير الذي هو فخرنا في الدنيا وزادنا في الآخرة لهذا ننتظر بعشق كبير وإشتياق لامثيل له أن يطلع هلال الأول من صفر لنكون على موعد مع بداية الزحف المليوني من أقصى بصرتنا الفيحاء ومرورا بكل المحافظات العزيزة في الوسط والجنوب في سرمدية تتكرر بلا ملل وحب وإنتماء عظيم يعبر عن نفسه بهذا الشكل المهيب الذي لا وصف له .
فإستشهاد الحسين عليه السلام هو الذي بعث في النفوس تلك التلقائية العالية على أن تتسابق كل القلوب وترنو الأفئدة من أجل الفوز بالظفر الكبير في تجديد العهد لصاحب الضريح الطاهر المسجى منذ أربعة عشر قرنا في كربلاء موقدا في الأمة هذا الإصرار العجيب على أن تكون عصية على الإنكسار والإندحار مهما تتابعت عليها الإبتلاءات وتسابق الأعداء من كل شكل ولون.
انها مسيرة الأربعين ، حيث خيلاء اللحظات المهابة يزحف مع الزائرين ، يستل وداد الأزمنة ويبعث في النفوس ودادها القديم الى صاحب العهد والراية والمستشهد من أجل الحرية …مسيرة وجدت لتستمر وكبرياء يعبر عن نفسه بهذا النسق المليوني الذي لا يكل ولا يمل فيواصل الليل بالنهار ويتحدى الحر والبرد والإرهاب والقمع وكل تلاوين المتاعب من أجل أن يعيد إستكشاف نسغ الحرية الأشم وليوقد في تضاريس اللحظة متاعها المرتقب .
إنه الحسين وكفى ..صانع سردية الشموخ الذي إستحق أن يوقد من أجله ألف سراج من تألق وأن تطوى اليه كل المسافات البعيدة ، لتصبح أقصر الطرق الى الله .