عبد الرسول الاسدي
تكمن اهمية الدرس الحسيني العظيم في كربلاء المقدسة ان له ميزة فريدة يتجدد بها في كل عصر بل يصبح اقوى كلما حاول اعداؤه طمسه او محو معالمه او التقليل من تاثيره في النفوس والمجتمعات.
فالتضحية الحسينية هي اعظم المآثر الاسلامية والأنسانية عطاءا وعاطفة وإحساسا، لهذا تنهل منها الضمائر الحية لتحقيق الاهداف العادلة والتطلعات المصيرية لبني البشر كافة على مر العصور.
لهذا تشتمل مسيرة الاربعين على كم وجداني هائل باعتبارها محطة خالدة في التاريخ الانساني باعتبارها حركة جماهيرية هائلة تكتسب ميزاتها الاساسية من العفوية والبساطة والزهد والتواضع والتعاون والتکاتف.
هذه المعاني السامية تعكس روح السلام والمحبة والايثار والعطاء وهي لا تكاد توجد بمثل هذا الاندفاع في اية مناسبة اخرى سواء اكانت اسلامية او غير اسلامية لان تفرد المسيرة الاربعينية انما يخص الملحمة الكبرى في الطف التي اراد لها الله ان تكون زادا للنفوس التي تنبض بالتسامح والحب والبذل في سبيل الله.
فليس هناك في اي زمان ومكان هذا التسابق من النساء والرجال والشيبة ومن مختلف الاعمار لخدمة الزائرين بل والتفاني في ذلك وصولا الى حد البكاء على انتهاء المسير وهم في كل ذلك يسترخصون كل غال ونفيس ويفتحون بيوتهم ويتركون اعمالهم اليومية وعلاقاتهم الاجتماعية ليكون شغلهم الشاغل هو زراعة الحب في النفوس والتعبير عنه بطرق شتى من العطاء والنصح والارشاد والمساعدة والخدمة التي لم تشهد لها الانسانية مثيلا ابدا .
هذه المسيرة هي بساتين ود ومحبة وعطاء وترسيخ للسمو الاخلاقي والنبل الوجداني وتعزيز لاواصر الانتماء الى عالم المباديء الجميل بكل ما يشتمل عليه من فصول انسانية نبيلة .
انها رسالة الاربعين بملايينها المحتشدة التي تحيي ذكرى رجل عظيم وقف ذات يوم متحديا الالوف من اجل ان يعم السلام ربوع الارض ذات يوم قادم .