ينساب نهر دجلة – الذي يتدفق منذ آلاف السنين – جنوبًا بشكل متعرج وملتوي، عاصمة محافظة واسط العراقية. وفي هذا «المنعطف»، يقع أول مشروع تعاون خارجي في مجال الطاقة بالعراق بعد الحرب – إنه حقل الأحدب النفطي. هذه صورة لنباتات تشجير داخل مخيم حقل الأحدب النفطي بمحافظة واسط العراقية، التقطتْ بتاريخ 30 يونيو. نشرتها وكالة أنباء شينخوا (تصوير: خليل داوود)في أشد أيام الصيف حرارة من شهر يوليو، زار الوفد الصحفي مخيم الحقل النفطي، حيث لا يُشاهد سوى صفوف أشجار النخيل التي تنتصب شامخةً، وأطراف أغصانها المنسدلة بالثمار التي لم تنضج بعد، وأشجار الصفصاف الوردي الصحراوي التي تفيض نشاطا وحيوية. من الصعب تخيل أن هذه المنطقة سبق لها أن كانت يومًا ما سهلًا طينيًا مالحًا وقلويًا.بدأ العمل في مشروع حقل الأحدب النفطي في عام 2009، ووُضع حيز الانتاج في عام 2011. وبصفتها الشركة المشغلة للحقل النفطي، مدّت شركة الواحة للنفط الصينية جذورها في هذا المكان منذ عام 2009. المدير العام للشركة، (جيانغ مينغ)، أحاط الصحفيين علمًا أن الشركة تلتزم وتدعم فكرة مفهوم التنمية الإيكولوجية المتمثلة في: «الجبال الخضراء والمياه النقية هي بحد ذاتها جبال من ذهب وفضة»، إذ أنها في الوقت الذي تركز فيه على زيادة الإنتاج والاحتياطيات في الحقل النفطي، تحافظ كذلك على المياه النقية والسماء الزرقاء في المنطقة.يمتلك العراق موارد غنية من النفط والغاز، لكن يوجد فيه إهدار كبير لتلك الموارد. إن معظم حقول النفط في العراق -بسبب الاستثمارات الكبيرة في المراحل الأولى ودورة الإنتاج الطويلة وعدم كفاءة خطوط أنابيب الغاز وغيرها من المؤثرات – تتعامل مع الغاز المصاحب لعمليات الاستخراج عبر حرقه باستخدام المشاعل. ويظهر تقرير إحصائي نشره البنك الدولي في عام 2023، أن العراق يُهدر سنويًا ما يصل إلى 17 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.هذه صورة لزاوية من محطة المعالجة المركزية بحقل الأحدب النفطي في محافظة واسط العراقية، التقطتْ بتاريخ 28 يونيو. ونشرتها وكالة أنباء شينخوا (تصوير: خليل داوود)تم إنجاز أعمال المشروع الرئيسي لمحطة المعالجة المركزية بحقل الأحدب النفطي في نهاية عام 2011، لتصبح أول محطة مُركبة في العراق تُحقق تغطية كاملة لعمليات معالجة النفط والغاز والماء. هادي عبيد، المشرف على إدارة إنتاج الحقل النفطي، أحاط الصحفيين علمًا أن الغاز المصاحب الذي يتم فصله أثناء عملية معالجة النفط الخام، تتم معالجته في محطة المعالجة المركزية بإزالة الكبريت والماء والهيدروكربونات، وبعد المعالجة يتم تحويله إلى كبريت، غاز جاف وغاز نفطي مُسال. لا يُنتج حقل الأحدب النفطي أكثر من 5 مليارات متر مكعب من الغاز الجاف، وأكثر من 600 ألف طن من الغاز النفطي المُسال وحوالي 18.5 ألف طن من الكبريت فحسب، بل يُساعد كذلك في تجنب إهدار الموارد وحماية البيئة الإيكولوجية.
باستثناء الايفاء باحتياجات محطة توليد الكهرباء الخاصة بالحقل النفطي، وتوفير الكهرباء اللازمة للإنتاج والحياة اليومية في الحقل النفطي، فإن الغاز الجاف – الذي يتم إنتاجه في محطة المعالجة المركزية – يتم تصديره إلى أكبر محطة توليد الطاقة الكَهْروحَرارِيَّة في العراق، ألا وهي محطة مدينة الحديثة لتوليد الطاقة الكهربائية، لضمان إمدادات الطاقة الكهربائية في المنطقة المحلية وفي العاصمة بغداد. فبعد عملية فصل ومعالجة يتم كذلك توفير الكبريت والغاز النفطي المسال الناتج بالكامل للجانب العراقي للاستخدام.
هذه صورة للكبريت المُنتج في محطة المعالجة المركزية بحقل الأحدب النفطي في محافظة واسط العراقية، التقطتْ بتاريخ 28 يونيو. نشرتها وكالة أنباء شينخوا (تصوير: خليل داوود)
فضلا عن ذلك، حققت مياه الصرف الناتجة عن إنتاج حقل الأحدب النفطي عملية تدوير وإعادة استخدام. حيث تتم معالجة «المياه المستعملة في الإنتاج» والتي يتم فصلها أثناء عملية معالجة النفط الخام عبر نظام معالجة المياه المستعملة، إذ يتم ترسيبها وترشيحها وتصفيتها حتى تصل إلى المعايير ذات الصلة، من ثم تتم إعادة حقنها تحت الأرض لزيادة ضغط الطبقات الجيولوجية (الضغط الصخري)، مما يُساهم في دورة حقن واستخراج فعالة ويُحافظ على شروط الاستغلال المستدام للحقل النفطي. تتم تنقية مياه الصرف الصحي الناتجة عن الأنشطة اليومية في مخيم الحقل النفطي عبر محطة معالجة لمياه الصرف الصحي، صممتها وأنشئها شركة الواحة للنفط، لتُستخدم بعد ذلك في ري المساحات الخضراء، بينما يتم جمع ومعالجة بقايا المسحوق الجاف الناجمة عن عملية التصفية لتحويلها إلى سماد.
نالت الشركات الصينية بفضل جهودها في دعم التنمية الخضراء لصناعة النفط والغاز في العراق على تأكيد كامل من لدن الجانبين الصيني والعراقي. وحصل مشروع بناء المنشآت الأرضية لحقل الأحدب النفطي على جائزة «لوبان» الصينية لمشاريع البناء والتشييد (مشاريع خارجية) برسم السنة 2014-2015. وصرح وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، بأن حقل الأحدب النفطي قد أسس معيارًا لتطوير صناعة الطاقة في العراق بطريقة صديقة للتنمية الخضراء.
صورة لموظف وهو يقوم بأعماله في محطة المعالجة المركزية بحقل الأحدب النفطي في محافظة واسط العراقية، نشرتها وكالة أنباء شينخوا (تصوير: خليل داوود)
أحاط جيانغ مينغ مدبر الشركة الصحفيين علمًا بأن شركة الواحة للنفط على مدى 15 عامًا، لم تساهم في جلب أكثر من 20 مليار دولار من الإيرادات للعراق فحسب، بل إنها لصالح المنطقة المحلية أدخلتْ من الصين تقنيات متقدمة في مجال الزراعة، إذ غرستْ أكثر من 10 آلاف شجرة، وقامت بتشجير، مما حقق توازنًا بين الفوائد الاقتصادية والفوائد الإيكولوجية. لقد استخدم أجيال من عمال شركة الواحة للنفط «روح لوبان» لجعل مفهوم التنمية الخضراء ينمو ويتجذر على ضفاف نهر دجلة، لصون وتربية واحة إيكولوجية على أديم أراضي مالحة وقلوية.