عبد الرسول الاسدي
حين قال جبران خليل جبران ( بعضنا كالحبر وبعضنا الآخر كالورق، فلولا سواد بعضنا لكان البياض أصم، ولولا بياض بعضنا لكان السواد أعمى ) فقد عنى بالضبط ذلك التمايز الطبيعي بين أنساقنا كبشر وبما يحقق التكامل ويقود الى المزيد من الإرتقاء والقوة. وفي الشرق مثلما في غيرها من المؤسسات ليس هناك نسخ تتطابق بل تتباين محققة لكل منا شخصيته المستقلة ورؤيته الذاتية لما حوله .
في كل المحطات التي خضنا غمارها بكل ما إنطوت عليه من تماسك أيقنا تماما ان الدخان الأبيض الخارج من دائرة الإتفاق ينطوي على وجهات نظر عديدة فتحنا لها الباب لتصبح بوابة لإنضاح المحتوى وتعزيز الرؤية وتلاقح الفكر والمزيد من المضي قدما .
وإذا كانت مقولة شكسبير التي يدعو فيها لأن نشق طريقنا بسلاح الإبتسامة بديلا عن السيف هي الأكثر التصاقا بأذهاننا حتى ونحن نضطرم في اتون مدجج بالإشكالات فان القوة الخفية التي سيطرت على مواقفنا بدت أحياناً بأنها أشبه بإبتسامة السيوف .
فالأقوياء في الصدارة حين يواجهون العالم بصبر وجلد وكبرياء ويصنعون صروحهم التي تستجلب الإعتزاز وإحترام الآخر وثقتهم بأنفسهم ولكن في نفس الوقت هناك أقوياء من طراز مختلف يقفون معنا في الصف بترتيب مختلف .
التكامل في الرؤية و الإنسجام في المشروع والروح الوقادة هي التي خلقت كوكبة من الإنقياء المنشغلين بإدامة هذا الحراك المؤسساتي الدائم مثل مشغل يعتمد في طاقته على نبض القلوب وإبتسامة الوجوه والأصابع التي تغزل إبداعا .
وعلى طول الطريق الذي أوصلنا الى القمة امنا بتلك الروح الخيرة التي تزرع الإبتسام وتجدد الود وتقطف من بستان العافية تفاصيل العشق الدائم لكل ماهو جميل وقريب الى النفس وبعيد عن الأنانية .
قوة مشروعنا في قدرتنا على التجدد إستنادا الى توزعنا بين محطات الإلتقاء وتنوعنا بين نقاط الإقتراب وقدرتنا على صناعة غد يكمل فيه الجميع أدوار بعضهم بعضا .