عبد الرسول الاسدي
ظاهرة غريبة عجيبة بدأت تتمدد في أوصال المجتمع وتسري كما النار في الهشيم متمثلة بالدجل والشعوذة أو بالأصح ما يطلق عليه التنبؤات المستقبلية والتي لم يكن لها وجود قبل عقود أو كانت على نطاق ضيق ومحدود لكن على ما يبدو فان الأمر أصبح رائجا يوما بعد آخر .
فهناك من يتحدث عن عودة شخصية توفيت وآخر عن إنقلاب وثالث عن حرب عالمية ورابع عن سقوط بلدان وإنهيار شعوب وهكذا تتعدد التفاصيل من الإقتصاد الى الكائنات الفضائية ومرورا بالأوبئة وإنتشار كورونا الجديد وظهور شخصيات جديدة في عالم الفن والسياسة وإختفاء أخرى .
المشكلة في الأمر أن الشيوع الكبير لهذه الظاهرة حولها الى لازمة مهمة بل ويتم الترويج لها بشكل غير مبرر ودون حسيب أو رقيب فهي تستحوذ على الأوقات الذهبية في الفضائيات ومقاطع البث المباشر على مواقع التواصل تستحوذ على ملايين المشاهدات. الأنباء التي يوردها بعضهم تصبح بعد ساعات قلائل حديث الشارع ليس من باب الثرثرة أو الإحتمال بل هناك من يعتبرها حقائق ستحدث لا محالة !
أليس المتفق عليه ( كذب المنجمون ولو صدقوا ) فلماذا نجعلهم يصدقون اليوم حتى وإن كذبوا .؟ اليس في هذا إستهانة كبيرة بالعقل الإنساني والإرادة الطبيعية في التغيير بل والتسبب بإحباط كبير وغياب الهدف حين يكون القادم بهذه السوداوية والبؤس والشقاء والدم والقتل ؟
ثم أن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه لماذا جميع من إشتهر في مجال الفلك والتنبؤ يتحدث عن منطقتنا العربية حصرا وعن دولنا وقادتنا ومنطقتنا ولا يتنبأ مثلا عن البرازيل أو السنغال أو كوريا الجنوبية أو أستراليا ؟
ألا نشم رائحة المؤامرة من ملايين المقاطع الفديوية المصورة التي تبث بشكل لحظوي على مواقع التواصل والمنشورات والمتضمنة أخبار مزيفة بصيغة نبوءات ؟!
لقد أصبح الأمر أكثر من مجرد ظاهرة أبتليت بها مجتمعاتنا لتحقيق أهداف ومآرب لتغييب الوعي وتدمير الشخصية وكبح جماح التقدم لصالح أجندات وأهداف مشبوهة .