الأغنيات والمطربون كُثر في عالمنا!! ولكن هناك ظواهر فنية تسترعي توقفنا عندها كحالات جمالية وإنسانية نحتاجها في زمن قلَّ فيه الجمال الرفيع وقلَّ فيه النغم الأصيل والكلام المليء بالحب والحنين والشوق الحقيقي وليس حب وفن اللذين أشبه بمأكولات سريعة تنتهي متعتها مع آخر لقمة نبتلعها!!
لذلك نحن نبحث عن الجمال الخالد الذي يأسرنا بشكل مذهل ويجعلنا نطرق كثيرا بأرواحنا قبل حواسنا، لأن الجمال ذو القيمة الرفيعة هو الذي يوقظ فطرتنا الأولى يعود بنا إلى زمن الطفولة الأولى وحب الصبا الفطري الأول كما في قصيدة وأغنية «البيانو» التي يصبها ويسكبها كاظم الساهر في أسماعنا وأرواحنا بحرفية نحات وعازف بيانو يتلاعب بأمواج النغم ويرسلهُ في أقصى متاهات الروح.
في هذه الأغنية كاظم يرمم كل الخراب الممتد كامتداد آهات الحروب ويصلح ويرمم بعض أشلاء أرواحنا ويعيد لنا بعض أعمارنا المبتورة قصرا بسبب تراكم الأحزان!! فهو يرشقنا بأمواج نغمية عذبة تطربنا وتأخذنا إلى أقصى مديات الجمال الرزين غير المصطنع.
وأعتقد لو يتم تصوير هذه الأغنية، فهي تحتاج إلى أعظم راقصي بالية، كي تقدم بشكل مذهل.