بقلم منعم الزهيري / رئيس قسم القانون كلية الأمام الكاظم (ع )
يقول الكبير جان جاك روسو … رصيد الديمقراطية الحقيقي ليس في صناديق الانتخابات فحسب بل في وعي الناس.
فالانتخاب وسيلة لا اكثر و يبقى الاهم هو مدى استخدام المواطن لهذه الوسيلة بشكل صحيح لتحقيق غايته و رغم كل ذلك يبقى الانتخاب من اهم وسائل اسناد السلطة مهما رافق العملية الانتخابية من سلبيات او انتهاكات ، و ان المنظومة الانتخابية في العراق قد تعرضت للتعديل بشكل متكرر و كان الدافع الاساس هو بما يخدم مصالح القوى السياسية الكبيرة على الرغم ان بعض التعديلات جاءت لتعالج بعض الأخطاء السابقة و لكن الاساس هو نتيجة الاتفاقات الآنية التي تخدم المصالح . و عادة ما تتغير هذا الاتفاقات متأثرة بتشظي المصالح او عقد مصالح جديدة بسبب تغير أوزان و ثقل القوى السياسية فتتغير معها القوانين الانتخابية دون اي نظرة قانونية عميقة دافعه للتغير .
و بعد انتهاء انتخابات مجالس المحافظات فأن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات سوف تستكمل بقية الاجراءات وفقا للقوانين النافذة بحيث تقوم المفوضية بإعلان النتائج خلال 24 ساعه للتصويت العام و الخاص ، و بعدها يتم استقبال الطعون بالنتائج خلال ٣ ايام بعد الإعلان. و هنا يكون تقديم الشكاوى والطعون أمام مجلس المفوضين و هو بدوره يقوم البت فيها او يحيل الطعون إلى الهيئة القضائية للانتخابات و أيضا يمكن للمتضرر من قرارات مجلس المفوضين الطعن بها بشكل مباشر امام الهيئة القضائية. و بعد انتهاء ٣ ايام تقوم الهيئة القضائية بالاستفسار من مجلس المفوضين وهو ملزم بالإجابة خلال مدة لا تزيد عن ٧ ايام عمل من تاريخ ورودها اليها ، و بعدها تقوم الهيئة القضائية البت بالطعون خلال مدة لا تزيد عن ١٠ ايام عمل من تاريخ اجابة مجلس المفوضين على الطعن .لذلك فان الجهة المختصة بالنظر في طعون انتخابات مجالس المحافظات هي الهيئة القضائية فقط دون غيرها
و ان كل ما يصدر عن الهيئة القضائية بات و غير قابل للطعن امام اي جهة قضائية أخرى .. و ايضا يكون الطعن بقرارات مجلس المفوضين امام الهيئة القضائية في الامور التي تتعلق بالعملية الانتخابية حصرا و ان قرارات الهيئة القضائية باتة.. يعني غير قابلة للطعن ..و مجلس المفوضين هي الجهة المختصة بالمصادقة على نتائج انتخابات مجالس المحافظات بعد المصادقة عليها من قبل الهيئة القضائية .بينما الجهة المختصة بالتصديق على نتائج انتخابات مجلس النواب هي المحكمة الاتحادية العليا
و هنا يتبادر للأذهان تسال مهم هو هل الهيئة القضائية المختصة بنظر الطعون في قرارات مجلس المفوضين و كذلك الطعون المقدمة بشكل مباشر لها و المتعلقة بنتائج الانتخابات هي هيئة تمييزية ام محكمة موضوع؟
و نرى ان الهيئة القضائية هي ليست محكمة موضوع حيث ان الاجراءات المتبعة تبين ذلك اذ ان مقدم الطعن لا يمثل ولا يكون له حضور امام مجلس المفوضين ويقوم بتقديم الطعون فقط والمجلس يبت بها، وعند عدم اقتناعه بالقرار يذهب الطاعن لتقديم الطعن أمام الهيئة القضائية المختصة بالطعون وهي تصدر قراراً باتاً بالطعن. او ان مجلس المفوضين بدوره يحيل هذه الطعون الى الهيئة القضائية .و ان الهيئة القضائية من اسمها وعنوانها الذي عرفها القانون هي هيئة قضائية اي ليست محكمة موضوع باعتبار انها مشكلة بموجب قانون خاص، ولا تندرج ضمن المحاكم الاعتيادية في العراق الا انها في الحقيقة تبقى بالعنوان والوصف الذي عرفها به القانون بأنها هيئة قضائية مشكلة بشكلها الجديد و اختصاصاتها بموجب قانون المفوضية رقم 31 لسنة 2019 المعدل وبين احكامها في المادة (19)و (20) من القانون .و ان قضاة الهيئة القضائية وهم قضاة من الصنف الاول و معينين من قبل مجلس القضاء الاعلى و ليس من قبل المفوضية و ان قراراتها قطعية و باتة اسوة بالقرارات التي تصدرها الهيئات الاخرى الموجودة لدى محكمة التمييز الاتحادية .لذلك فأن توصيف الهيئة القضائية في المفوضية على انها هيئة تمييزية خاصة هي اقرب الى من انها محكمة موضوع ..
و بعد إكمال المفوضية كافة الطعون ( من قبل الهيئة القضائية ) تعلن المفوضية المصادقة على نتائج الانتخابات ( المفوضية هي المختصة بالمصادقة على نتائج انتخابات مجالس المحافظات ) و بعد إعلان المصادقة على النتائج من قبل المفوضية… يدعو المحافظ المجلس للانعقاد خلال ١٥ يوما .( و عالج المشرع حالة عدم دعوة المحافظ المجلس للانعقاد خلال ١٥ يوم ) بالتعديل الثاني لقانون المحافظات غير منتظمة بإقليم ، ينعقد المجلس في اليوم السادس عشر من تلقاء نفسه في حال عدم دعوة المحافظ المجلس للانعقاد خلال ١٥ ، و ينعقد المجلس برئاسة الأعضاء الأكبر سنا و اول خطوة للمجلس انتخاب رئيس له و نائبيه بالأغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس ، و بعدها يقوم المجلس بانتخاب المحافظ و نائبيه بالأغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس خلال مدة ٣٠ يوما من تاريخ عقد اول جلسة للمجلس ، و الأغلبية المطلقة هي نصف +١ من عدد الاعضاء ، و هنا لم تمييز اغلب التشريعات العراقية بين نصف+١ فيما اذا كان العدد زوجي او فردي و لكن جرت العادة على اعتبار النصف +1 هي اغلبية مطلقة ( سواء كان العدد زوجي او فردي ) مادام النصف +1 يحقق الأغلبية فالأمر يحقق الغرض .
اما بالنسبة لشروط الترشيح لمنصب المحافظ فقط اشارت اليها المادة 7 من القانون رقم (١٠) لسنة ٢٠١٨ قانون التعديل الثالث لقانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم رقم (٢١) لسنة ٢٠٠٨ المعدل حيث يشترط في المرشح لمنصب المحافظ بالإضافة الى شروط الترشيح المطلوب توفرها في عضو المجلس ان يكون حاصلاً على شهادة جامعية اولية في الاقل و متمتعاً بالمؤهلات الاساسية اللازمة لقيادة المرفق الاداري و له خبرة في مجال عمله لا تقل عن (١٠) عشر سنوات وممارسة في اعداد وتنفيذ السياسات العامة وبناء القدرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية .و هنا يجب التمييز بين لفظ له (خبرة 10 سنوات ) و هذا لا يعني بالضرورة ان يكون موظفا بل الاهم ان تكون لديه خبرة 10 سنوات في مجال عمله ، و يسري من شروط الترشيح لمنصب المحافظ أيضا تسري على نائبيه حسب ما نصت عليه المادة (25/ ثانيا )من قانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم رقم (٢١) لسنة ٢٠٠٨ المعدل.
و يلتزم المرشح الفائز بالانتخابات بتأدية اليمين الدستورية خلال مدة اقصاها شهر من تاريخ الجلسة الاولى و بخلافه يكون البديل عنه الحاصل على اعلى الاصوات من المرشحين الخاسرين من قائمته في دائرته الانتخابية ، و في حال عدم تأدية اليمين من المرشح الفائز فرديا يكون البديل عنه اعلى الخاسرين في دائرته الانتخابية من القوائم الفائزة او المرشحين المنفردين . و تبقى الاشكالية الاهم هي طريقة توزيع الكوتا النسائية فلا القانون الانتخابي و لا سانت ليغو . لهما علاقة بطريقة توزيع الكوتا و قد اشارت المادة 8 / ثالثا من قانون رقــم (٤) لسنة ٢٠٢٣ قـانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (١٢) لسنة ٢٠١٨ بانه اذا كان المقعد الشاغر يخص امرأة فيشترط ان تحل محلها امرأة اخرى من نفس القائمة الانتخابية .و رغم صدور العديد من القرارات من قبل مجلس المفوضين بينت فيها الية توزيع الكوتا النسائية و لكن تبقى هذه القرارات غير وافية و يشوبها بعض العيوب و غير ملمة لكافة الاحتمالات التي يمكن ان تطرأ لاحقا بخصوص الكوتا النسائية مما قد يسبب ارباك في مدى مصداقية النتائج و خصوصا نحن امام وعي انتخابي يستقبل اي شيء و كل شيء .
و تبقى الديمقراطية ليس ملكا للدولة انما هي قيمة للبشرية كلها ، وحق الانتخاب من اهم مظاهر الديمقراطية …