د . محفوظ فرج
قد لا أسألُ عنها
ولِمَن أسألُ ؟
هي نائيةٌ تفصلني عنها
مرتفعاتٌ شاهقةٌ ومحيطاتٌ
إنْ حدَّثت بها من حولي
لا يَمْسَسْهم ما مَسَّ شِغافَ فؤادي
لن يفقهَ مقدارَ هواها في قلبي
إلا قلبي
منذُ درَجْنا كنتُ أراها تَمْرقُ من قُدّامي
تَتَسلَّقُ في منعطفاتِ شعوري
وتميلُ بظلِّ زقاقٍ يضفي أجواءً سحرية
حين تغورُ بخطاها أبعدَ تحت الطاق
أصيحُ بها :
ماريّا
تَتَمثَّل لي بوشاحٍ أبيضَ
وإهابٍ يبرقُ أبيض
قل ما عندك :
أقولُ
لا أدري
أن كنت تتبعت الحورُ الفاحمُ
في عينيكِ أم هو يتبع أثري
في أي مكان ألقاه بعيني فاتنة
سامرائية
إلا أنّي حين أهم إلى مدرستي
القاك أمامي تنحدرين كلمح البصر
عابرة يفتر عليَّ عبق أنفاسك
يوقفني فوق رصيف
أعشقه لا يشبه أرصفة موانئ
أخرى
فيه نسيم ندى الماء الجاري
كزلال وهبته له دجلة
لن يمحو ذاكرتي فرط الحسن الأخاذ
وليس يهون زقاق طرقت أقدامك
فوقه
وليس يهونُ البيتُ السامرائي
وقد علمك الحشمة
فأغراني فيك شموخك كالنخل
الباسق
وليس يهون رصيف يمتد الشواف
به من ركن المدرسة الاولى
حتى الكهف العالي
ألقاك بقربي
أنّى مركب عمري حط رحاله
لقيتكُ في قسم اللغة العربية
حبَّبتِ إليَّ الدرسَ
وأصبحَ فيكِ وفيهِ غرامي
لقيتك عند يباس سواقي بستان
في ( أردليكا ) انقطع عنها
مجرى النهر
تهاوى قدّاح الليمونِ الذابلِ على
كتفينا قبلَ تَفتُّحِهِ
وذرفنا الدمعَ سوِيّا
مِمّا حَلَّ بهذي الأرضِ المعطاء
قلت لها : أتمني أني لم اتعين
في متوسطة اليرموك
لأشهدَ أرضا فيها انتحرَ الشجرُ المثمرُ
ولكنْ هوَّنَ لي ذلك حبُّ لا يُشبِهُهُ حبُّ
قالت نازكُ يوماً
ذهبَ ابراهيمُ ليفتحَ أبوابَ السدِّ
وكان فداءً لبساتين مدينتِهِ