عبدالرسول زيارة الاسدي
لجورج أورويل تعريف للكتب الجيدة بأنها ليست تلك التي تخبرنا بشيء جديد قدر ماتعبر عن أفكار كنا نود التعبير عنها وساعدتنا على قولها.ولعل هذا التوصيف ينطبق الى حد كبير مع أولئك الذين يجدون في الكتاب متعة غامرة وسعادة كبرى تفوق الوصف لهذا فهم يتنقلون بين دفتيه مثل مغامرين يستكشفون العالم الجديد كلما حلقوا في فضاء القراءة من جديد .
أحد الزملاء في الشرق كان يكتب وحين تعود المواد من المصحح وأطلع عليها
يفاجئني انه يكتب تقريبا بلا أخطاء إلا ما ندر وحين سألته ذات يوم : لماذا تقل الأخطاء النحوية لديك رغم أنك لست خريج لغة عربية ؟
كانت الإبتسامة معجونة بالثقة العالية ومقنعة الى حد كبير : أنا اقرأ كثيرا لهذا السبب وبلا دراية أكتب بلغة جيدة بأخطاء نادرة .
هو يقرأ كتبا ومواضيع ومقالات باللغة العربية الفصحى ما ولد لديه ذخيرة موضوعية من المفردات والنحو ما جعله لا يخطئ إلا ما ندر ، بينما وجدت آخرين للأسف تخرجوا حصرا من كليات قريبة الى اللغة العربية لكن الأخطاء لديهم لا تعد ولا تحصى .
أتذكر إني في بداية حياتي الصحفية أجريت إستطلاعا صحفيا في أروقة إحدى جامعاتنا المعطاء وشملت بالإستطلاع كثيرا من الطلبة وبعض الأساتذة الذين أدهشتني كمية المعرفة والشمول والإطلاع التي يتحلون بها وفي مختلف المجالات إلا أن ما أستوقفني وهو ملفت تلك الأخطاء النحوية والإملائية ( خاصة في الهمزات والضاد والظاء وبعض التراكيب الأخرى ) وحين سالت عن سبب ذلك فهمت أن المشكلة ( وطنية ) ولا تخص فئة بعينها .
كلنا على الأغلب نعاني من مشاكل تتعلق بالهمزات وبعض المفردات الأخرى والتراكيب اللغوية وهو ما ينطبق على شريحة واسعة من المثقفين والكتاب ( أعرف عددا كبيرا منهم يلجأ لتنقيح وتصحيح رواياته وأعماله لغويا في سوريا بشكل خاص لأن درس اللغة العربية لديهم في طليعة الدروس )
اليوم نحن نحتفل بلغة الضاد ، لغة القران ، نصلي ونحن نقرأ بالعربية ، نكتب بالعربية ، نسمع نشرات الأخبار بالعربية ، نكتب التقارير العلمية والبحثية والطبية والثقافية بالعربية ، عناوين المواقع وأسماء الشوارع كلها بالعربية .
ولكن هذا الإحتفاء لا يكفي لأن الله سبحانه كرمنا بأن تكون لغتنا هي لغة أهل الجنة وعلينا ان نتقنها بما تمليه علينا أهميتها ومكانتها والأهم هو ما يمليه علينا حبنا لها .