عبد الرسول الاسدي
ثمة محطة قطار في جنوب إفريقيا يحرص المسؤولون الهنود على زيارتها دوما بل وتعتبر ملتقى مهما للثوار والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين للتمييز العنصري .
فتلك المحطة غيرت حياة المهاتما غاندي وكل الأمة الهندية بل وتاريخ الطبقات والتمييز العنصري منذ أن دخلها محاميا شابا ليطرد منها ويهان لأنه ليس من العرق الأبيض !
فهل تمعنا طويلا في الأماكن التي نملكها في بغدادنا وهي لا تتسع لها قوائم مزدحمة وطويلة . نعم فلدينا محطات شتى تشهد على ثورية شعبنا وقدرته على التغيير وكأنه معين لا ينضب من الشجاعة والإبداع والانفة والكبرياء لكن يبدو في أحيان كثيرة أن هناك عتمة على الأحداث كما الأماكن لأسباب نجهلها.
كل بغداد أثرية وكلها تحوي نقاط مضيئة وليست منحصرة في بغداد القديمة الممتدة من باب المعظم الى باب الشرقي حصرا بل تشمل الكرخ ايضا ومناطق واسعة من الرصافة.اتذكر ان المنزل الذي كانت تقطن فيه الكاتبة العالمية اجاثا كريستي صاحبة أكثر الكتب مبيعا في العالم والتي تطرقت الى العراق بروايتين ذائعتي الصيت قد عرض للبيع قبل عامين ولا أعرف ما آلت اليه الأمور لأن أحدا من المسؤولين لم يلتفت الى الأمر حينها . فالمنزل كان ملكية خاصة يمكن بيعه لكن لا يجوز التصرف فيه من قبيل الهدم أو غيره هذا ما قيل حينها من قبل المسؤولين .
قصور وأماكن وصروح أثرية كبيرة شاخت معها أوراح وفنيت أخرى وشهدت ميادينها صراعا فائقا وكبيرا بين الشعب وجلاديه من أجل الحرية لم نعد نتذكرها بل أصبح الجميع لا يمر عليها الا مرور الكرام رغم أنها تستحق الأفضل والأكمل والأجمل .
كل أماكن بغداد وحواريها وميادينها وساحاتها كانت شواهد ذات يوم على منعطف سجل فيه الشعب بحروف من كبرياء قدرته على التصدي والتحدي وإثبات الوجود فكانت بغداد الأكثر نقاء كلما تقدم بها الزمن .فكل المدن تشيخ إلا عاصمتنا يتجدد شبابها .