عبد الرسول الاسدي
ولد في بيت الله ، وإنتهى مشواره بتلك الضربة المرادية اللعينة وهو في بيت الله …وما بينهما رحلة حياة طويلة تزدحم بالملاحم والبطولات والعدل والكرم والسخاء والإيمان .
تلك العبارة المدوية التي أطلقها يوم ضرب بمسجد الكوفة ، تؤرشف تاريخا طويلا من الفوز الذي كان فيه أمير المؤمنين علي عليه السلام الفائز الأول في حروبه وعبادته وورعه وكرمه وعدله . ليأتي هذا الفوز الأخير مدجج بكم هائل من التأكيد بصيغة القسم ( فزت ورب الكعبة ).
ولعلي هنا أتوقف عند ذلك التساؤل الذي طرحه الراحل عباس محمود العقاد وهو يقول (منذ سنين كلما أمر على هذه الكلمة أشعر أن كل منظومتي الفكرية تهتز !!)
ثم يقول:( اشترك في 80 غزوة وصرع بها أبطال العرب وصناديدهم ولم يقل فزت !! بايعه الناس على الخلافة في مشهد لم يسبق لأي خليفة أن مرّ به .. ولم يقل فزت !! بل قال : إتخذوني وزيراً لا أمير !)
فما هو هذا الفوز الكبير الذي أطلقه الإمام علي عليه السلام على تلك اللحظات المضرجة بالدم في المسجد يصلي وهو صائم ..فكم أنت كبير يا أبا الحسن عليك مني سلام الله ما بقيت وبقي الليل والنهار .؟
انه الفوز برضى البارئ عز وجل والتسليم له والقدرة المتناهية على إعادة صياغة مكنونات الذات وتفاصيل المسيرة الشامخة بما يرضي الله سبحانه وتعالى ونهج الرسالة المحمدية الأصيلة .
لقد فاز عليه السلام يوم إنتزع كل الدنيا من صدره فباينها وطلقها فخرج منها كما جاء اليها لا يملك شيئا إلا رضى الله والناس وسيرة تقف أمامها أعاظم الكون إجلالا وإكبارا وتواضعا.
لقد رحل عليه السلام في مثل هذه الأيام المباركة وما بين الجرح والإستشهاد ثمة وقفة طويلة من التأمل في تلك السيرة المباركة من العدل وحماية الأسير والسجين والضعيف وإيتاء ذي القربى وحقوق البلاد والعباد فالحمد لله الذي جعلنا من محبي علي عليه السلام والسائرين على نهجه ومنهاجه وسيرته .