عبد الرسول الاسدي
استغرب وتصيبني الدهشة حين اقرا متصفحا لاحدهم وقد كتب فيه : الاعلامي الكبير او الكاتب او الفنان الخ …مثلما تصدمني العناوين السياسية البراقية برعاية فلان الفلاني….
يحكى ان الشاعر حسين مردان اهدى ذات يوم ديوان شعر الى الكاتب جبرا ابراهيم جبرا وكتب عليه الى العبقري الفذ فما كان من جبرا الا ان اعترض على ذلك قائلا : كيف اكون عبقريا ولم ابلغ الاربعين بعد !
حين استدعي الشاعر الكبير الجواهري ليلقي قصيدة التتويج في قصر الرحاب ببغداد لمناسبة تتويج فيصل الثاني رسمياً ملكاً على العراق بعد بلوغه سن الرشد ، يقال انه تردد كثيرا لانه لم يكن مؤمنا بما تنطوي عليه تلك القصيدة من مديح ربما ليس في محله .
الشاعر يستعرش مشاعره المتلاطمة حينها في مذكراته ( قال لي ناظم الزهاوي وهو يستمع إليّ ـ لا يا جواهري … وكانت تلك « اللا « وأنا في ذروة الصراع مع الذات ، قد أشعلت الفتيل المزروع في جسدي والذي أحاول عبثاً أن أغطيه بحفنة من رماد المغالطة ، وتراب التبرير .. ودارت الأرض بي .. وفقدت المقدرة على الموازنة بين ما هو كائن وبين ما يجب أن يكون)
حقا انها لحظة صعبة حين تجد نفسك مضطرا لان تقف وانت غير مقتنع وتقول وانت على غير وعي ربما بما يجب ان تكون عليه.
ويحكى ان العقاد كان يملك لغة الكتابة صعبة إلى حد كبير، ولكن شخصيته مرنة ومحبة للضحك، كما روى من عاصره.وكان يعقد ندوة يوم الجمعة من كل اسبوع ساله حينها احد المشاركين في الندوة :
لماذا لا ينزل بمستواه ويكتب شعرا وكتبا ومقالات سهلة للفهم على مستوى الشعب؟، فرد عليه العقاد بطلاقة قائلا: ولماذا لا يرفع القراء مستواهم الفكري ليفهموا ما أكتب؟
وحين استطرد الرجل في الحديث ساله عن ام كلثوم فقال العقاد: أم كلثوم هي دون شك معجزة إلهية وهبها الله لمصر.
وواصل الرجل حديثه وسأله هل كان يفكر في عمل كتاب عن أم كلثوم وإذا كان ذلك ممكنا فماذا يكون عنوان أو اسم هذا الكتاب، قال العقاد: نعم أنوي وتحدثت مع أم كلثوم، واقترحت عليها أن أسمي الكتاب عبقرية أم كلثوم، لكنها رفضت الاسم احترامًا للعبقريات الأخرى التي كتبت عنها.
نعم انها تلك المواقف الاثيرة التي نكون فيها بمنتهى الشفافية والوضوح والصراحة مع انفسنا ولا نكون مضطرين لكتابة الكاتب او الاعلامي او الفنان الكبير على صفحاتنا لاننا قد لا نليق بهذا الوصف .