عبد الرسول الاسدي
تنكسر سيول الكلام وينثلم عنوان الفصاحة عند الوقوف عند سيد الإنسانية والبلاغة والعدل أمير المؤمنين علي عليه السلام.
فهو صورة متفردة تجمع بين تلك الشخصية الشجاعة صاحبة البطولات الخارقة وبين الإنسان الهادي العادل المسالم الذي يخشى الله في كل صغيرة وكبيرة.
في المأثور عن إمامنا وشفيعنا الإمام علي عليه السلام أمير المؤمنين ما رواه زيد إبن أسلم انه كان الإمام علي (عليه السلام) يمشي في شوارع الكوفة ليلا يتفقد الفقراء والأيتام فسمع صوت أطفال يبكون فإقترب من الدار وطرق الباب ففتحت أمهم الباب فسألها الإمام عن سبب بكاء اطفالها فأجابت إنهم جياع ويبكون من الجوع.
فقال الإمام (عليه السلام): ولم هم جياع؟
فقالت: لأننا لا نملك الطعام
تعجب الإمام عليه السلام, وسألها عن صاحب الدار فأجابت إن أبوهم قتل في المعركة, ثم لاحظ الإمام ان هناك قدرا يغلي فسألها عنه فأجابت انني وضعت ماء في القدر وأنا احاول أن أسلي الأطفال حتى ينسوا الجوع ويناموا … فقال لها إنتظريني أمة الله فأسرع الإمام الى داره وحمل جرابا فيه الطحين والسمن والتمر
فقال له قنبر : سيدي دعني أحملها عنك
فأجاب الإمام (عليه السلام): أنا أولى بحمله منك.
وحملها على ظهره وتوجه الى تلك الدار … طرق الباب ففتحت له الأرملة الباب فقال لها : امة الله إما أن تطبخي الطعام وأنا اسلي الأطفال أو أن أطبخ أنا الطعام فقالت إن كان لابد فاوقد التنور فكان الإمام عليه السلام يوقد النار في التنور ويقرب خده الشريف الى النار قائلا : يا علي ذق .. كيف يبيت الأيتام جياعا ذق يا علي … فجاءت المرأة كي تخبز الخبز فتوجه الإمام الى الأطفال وأصبح يلاعبهم ويحملهم على ظهره وهم يضحكون فرحين … يقول قنبر تعجبت فسألت نفسي أهذا قالع باب خيبر قاتل مرحب ؟؟!! ولما أتمت المرأة الطعام كان أمير المؤمنين يضع الطعام في فم الأيتام ويقول ( كلوا واسألوا الله أن يغفر لعلي ) …هكذا وضع عليه السلام دستور بناء الدولة العادلة والمجتمع الذي يحفظ حقوق رعاياه ويدافع عنهم دون تبعيض أو إنتقاص أو تحيز لفئة دون سواها.
هكذا علمنا علي عليه السلام أن نكون أقرب الى الناس لأنهم بشر قبل كل شيء.