زهرة احمد بولحية
ارتبك في الجواب لما سألته عن وجهته..
حين تبين لي أنه أضاع الطريق..طريق العودة إلى البيت..
كان يقف وسط الطريق ، لا يأبه لصوت منبه السيارات.. يتمتم بكلمات لم أفهمها ..و بصوت ضعيف ، يكاد يغادر شفتيه..
كانت يداه النحيلتان المجعدتان ، تقبضان على عصا..يتوكأ عليها ليصلب وقوفه لبعض الوقت ، ثم يعود للإنكفاء ..
لما أمسكت بيده ، حدق في وجهي قليلا ثم قال : هذا أنت قاسم …
يا بني..لماذا تأخرت عليَّ … ربما فاتنا موعد القطار ..
القطار الذي سيُقِلُّنا .. الى الجزر الخالدات.. مازلت أنتظر عودتك ، منذ عدة سنوات ..
شعرت بأن كلامه يخفي سرا ، لأني لم أفهم جيدا ما يقصده.. أخرجته من دائرة الخطر المحدق به الى قارعة الطريق ..
و أخبرته بأنني لست قاسم … لكنه استمر في محادثتي كما لو كنت قاسم الذي يقصد ..
طلب مني أن أعيده الى البيت ..
سألته عن مكان إقامته..فتهكم مني قائلا ..
لستَ صغيرا يا بني…حتى تنسى عنوان بيتنا .. هل عدت للمزاح معي؟…
لم أجد من بُدٍّ من مجاراته في اللعبة ..
فقلت له حاضر..يا أبي..سوف أرافقك الآن الى البيت ..
ونحن في الطريق…أخبرني.. أن صديقه عمر ينتظره في مقهى «الدار» لأنهما تعودا أن يلعبا كل صباح.. لعبة <> الضاما « ويستمتعان بها .. الى أن يحين موعد تناول وجبة الغداء ..
حينها فهمت أنه ..أضاع طريقه الى دار العجزة .. و أن ذاكرته.. بدأت تخونه ..كما تخون أي مسن ..ضيعته .. دروب اللقاء …