عبد الرسول الاسدي
حدثني صديق في أوربا أن الدولة التي يعيش فيها تنشئ معسكرات وتقيم مخيمات وورش وتنفق أموالا طائلة في سبيل تعليم الناس وبالأخص فئة الشباب أهمية التعاون بين الناس. ورغم كل الجهد الذي ترعاه منظمات تنفق كثيرا من الوقت والجهد إلا أن الناتج لا يكاد يذكر لأنها تبقى عاجزة عن غرس هذه المفاهيم في المجتمع دون أن يكون هناك شعور واقعي ينبع من الوجدان .
لدينا الأمر مختلف تماما ، فمع تجدد العبق الحسيني يلتف الملايين من ملبي نداء الكبرياء الخالد في تظاهرة كبرى تتعزز فيها وشائج الوحدة الوطنية ويزداد رسوخها في الوعي المجتمعي بين كل أبناء بلدنا الذي إتفقت كل مشاربه وألوانه أن قبلة الأحرار عليه السلام يمثل هوية إنسانية سامية ومعنى أخلاقي لا يقف عند حدود مذهب معين وأن الزيارة الأربعينية هوية عراقية يفتخر بها كل أبناء الوطن الواحد .
فالإمام الحسين دافع عن رسالة توحد ولا تفرق وتجمع ولا تشتت ويتبع فيها الجميع منهج الصلاح لبناء الوطن بأبهى صورة ووفق مبادئ رفض الظلم وانشاد العدل والإرتقاء بالخلق الكريم . لهذا نجد أنفسنا جميعا مدعوون لأن نجسد هذه الرسالة المهمة عبر سلسلة من الأنشطة والفعاليات التي تظهر عمق الوحدة الوطنية وتمسك الجميع بهذا المفهوم وتجسده على أرض الواقع عبر اليات وسياقات وسلوك منظم.
أولى هذه الممارسات هي التوعية والتثقيف بالتعاليم القيمية المشتركة بين أبناء الشعب الواحد وكيف انها تعبر عن نفسها في هذه الممارسة الخالدة التي مر عليها أربعة عشر قرنا دون أن تندثر أو يقل وهجها أو تضمحل رغم الوف المعارك التاريخية التي عاشتها المنطقة والتي إنتهى ذكرها واصبحت مجرد رقم في صفحات التاريخ .
قيم الإحترام و التسامح و التعاون، والمسؤولية الإجتماعية كلها تتجسد في الزيارة الأربعينية والتي نجحت في تذويب الحواجز والغاء الطبقية وانهاء كل مظاهر الذات عشقا وتقديسا لهدف واحد إسمه الكرامة والحرية والكبرياء .
لدينا في الزيارة الأربعينية مالا يملكه الاخرون رغم مساعيهم لمحاولة زرع ذلك في نفوس أجيالهم التي تعاني فقدان القيم الأخلاقية وغياب الإيثار والبذل من أجل قضية تجمع الجميع.
فشكرا لكل خدمة الإمام الحسين وكل زواره المتمسكين بنهجه الذين يثبتون لكل الدنيا اننا في العراق نتشرف أن نكون على نهج سيد الشهداء رغم كل التحديات .