عبد الرسول الاسدي
كثيرا ما يقولون أنت لست شجرة لأن الأشجار لا تتحرك ولا تسافر ولا تغير من أمكنتها بل تقبل بكل ما يصادفها من عواصف وويلات وحر وبرد ولم نسمع أو نر أبدا أن شجرة حققت حلمها أو هربت من واقع مأساوي .
لكن مهلا فالأشجار هي أيقونة حياة والحياة قد لا تكون بالضرورة بالحركة بل بالثبات احيانا والمقاومة والأهم …بالعطاء .
نتذكر جميعا مقولة رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ( الماء والخضراء والوجه الحسن ) وقد وضعها صلى الله عليه وآله متسلسلة فحين يتوفر الماء لابد أن تكون هناك مساحة أو حتى بقعة خضراء …وحين تكون الأرض مخضرة والشوارع مبتسمة بغطاء بهيج من النبات يصبح الإنسان مسرورا بشوشا مرتاحا نفسيا .
لكن أين نحن من كل هذا ؟
كتب أحد الأصدقاء قبل أيام لي يقول أن شوارع مدينة إشبيلية الإسبانية وأكرر ( شوارع ) وليس بساتين أو مزارع ،تنتج سنويا مليون كيلو برتقال وهو رقم كبير لكن كيف ؟
لقد إجتهد مجلس المدينة على أن يزرع في شوارعها أربعين الف شجرة برتقال تحقق جملة من الغايات والمنافع يشرف عليها هو ويقدمها لسكان المدينة.
فهو يراعي الأشجار و يجمع المحصول في فصل الربيع و يبيعه و يتم إنتاج أجود أنواع المربيات منه و تصديرها بشكل خاص الى انكلترا نظرا لإقبالهم الشديد علي المنتج الذي يتناولونه مع الخبز المحمص.
لقد أصبحت البرتقالة ثمرة رمزية في إسبانيا حتى قيل ( برتقال إشبيلية ) الذي يوفر الظل في جميع فصول السنة وتعبق من أشجاره روائح الورد وخصوصا في فصل الربيع مالئة الشوارع بالبهجة والسرور ناهيك عن إستخدام تلك الأزهار في إنتاج أغلى العطور .
هل لدينا القدرة والإرادة على أن نفعل ذلك لتصبح إحدى مدننا مدينة للبرتقال أو الرمان أو العنب أو التين أو حتى النخيل ؟
قد نحتاج الى أشياء كثيرة لكنها جميعا سهلة مقارنة والإرادة الحقيقية لنفعل ذلك ونغير من واقعنا قدر الإمكان .