شعر خالد الحامد… من العراق
أَضْنَاكَ شَوْقٌ إِثرَ وَجْهِ مُسَافِرِ
والرُّوحُ مَــلأى بِالأَنِيـنِ القَاهِرِ
إِنْ كَانَ مَا تَبْغِيهِ مَحْضَ تَوَهُّمٍ
فَإِلامَ بِالأَوْهَامِ عُرْسُ الخَاطِـرِ؟
غَالَيْتَ حَتَّى فِي دُرُوبِكَ خُيلَتْ
يَنْعَى إِلَيْكَ الرَّمْلُ سَيْرَ مُهَاجِرِ
فَارْأفْ بِقَلْبِكَ لَا تَلُمْهُ مُعَاتِباً
مَا جَاءَ لَوْمٌ فِي نَجَاةِ الحَائِرِ
خَامَرْتُهَا تَحْتَ الضُّلُوعِ تَفَادِياً
عَيْنَ الحَسُودِ وَقَيْدَ نَأْيٍّ آسِرِ
فَوَجَدْتُ ثَغْراً رَقَّ رِيْقُ رِضَابِهِ
وَرَأَيْتُ وَجْهاً صَادَ كُلَّ سَرَائِري
وَشَمَمْتُ نَحْراً عَابِقاً يَِرْجُو اللِّقَا
وَوَجَدْتُ قَلْبِي طَوْعَ أَمْرِ الآمِرِ
وَرَشَفْتُ مِنْ خَمْرِ العُيوُنِ كَأَنَّنِي
مِنْ دُوْنِ رَشْفٍ مَحْضُ مَاضٍ غَابِرِ
وَثَمِلْتُ مِنْ خُضْرِ العُيوُنِ صَبَابَةً
وَازْدَدْتُ وَجْداً شَقَّ خَبْءَ مَشَاعِري
بَانَتْ لَهَا عَذْرَاءُ تَشْدُو سِرَّهَا
بِالْعِشْقِ جُنَّتْ مِنْ حَبِيْبٍ حَاضِرِ
أَوَ بَعْدَ مَا أَيْقَنْتِ قَلْبِيَ عَاشِقاً
أَطْلَقْتِ سَهْمَكِ فِي رَحِيلٍ بَاكِرِ؟
آنَ النَّوَى وَالعَيْنُ فَارَقَهَا الكَرَى
قَدْ آنَ وَخْزٌ فِي غِنَاءِ قَيَاثِرِي
قَدْ آنَ لَيْلٌ لَا يُمَنِّي عَاشِقاً
وَالصُّبْحُ مُضْنىً مِنْ نَعِيبٍ دَائِرِ
لِلْصَّبِّ قَلْبٌ إِنْ تَذُقْهُ مَنِيَّةٌ
تَلْتَاعُ سَكْرى مِنْ هُيَامٍ زَاخِرِ
فَلِأَيِّ عُذْرٍ قَدْ تُعَافُ مَنِيَّتي؟
صَبٌّ يُبَعَّدُ عَنْ عِنَاقٍ طَاهِرِ
يَا لَيْتَ جَمْعَ العَاشِقِيْنَ فَرِيضَةٌ
مِثْلُ الصَّلَاةِ عَلَى الصِّراطِ الزَاهِرِ
لَرَأَيْتَ كُلَّ اثْنَيْنِ مِلْءُ صُدُورِهِمْ
شَوْقٌ هُمَا مِنْ فَرْطِ عِشْقٍ بَاهِرِ
وَالمَوْتُ أكْبَرُ كِذْبَةٍ لَوْ مَسَّنِي
بِالحُلْمِ طَيْفاً مِنْ هَوَاكِ العَاطِرِ
رَتْقَاً بِذِي الأشْجَانِ فَتَّ أنِيْنُهَا
جُلْمُودَ صَخْرٍ مِنْ شَجَاهَا السَاجِرِ
وَأَنا وَمَوَّالُ القَوَافِي جَمْرَةٌ
حَسْبِي مِنَ الأَشْوَاقِ ضَرْمُ بَيَادِرِي
حَسْبِي إِذَا عَطِشَ المَشِيبُ لِهَامَتِي
أذِنَ الزَّمَانُ بِقَتْلِ قَتْلِ الصَابِرِ
مَا أرْهَقَ العُشَّاقَ غَيْرُ حُظُوظِهِمْ
أصْفَارُ نَصْرٍ مِنْ مَنَالٍ خَاسِرِ
وَكَأَنَّمَا بِالحَظِّ خَيْطٌ عَالِقٌ
هِيضَ الجَنَاحُ فَتَعْسَ حَظُّ الطَائِرِ
فَمَتَى يِدِفُّ لِذِي الحُظُوظِ جَنَاحُهَا
مِنْ غَيْرِ نَكْسٍ أَوْ مَآلٍ عَاثِرِ؟
فَإِلامَ لِلْأَقْدَارِ دَهْرٌ ضَائِرٌ
وَإِلامَ لِلْأَقْدَارِ قَنْصُ النَّاسِرِ؟