إعداد /مصعب أحمد
لكل بلدٍ أطلالٌ وشواهدُ ومبانٍ تراثيةٌ تحكي تأريخهُ وماضيه ، وتتحدثُ عن أسرارهِ وفلسفةِ رصانته و جماله ، ومن هذه الشواهدُ العظيمةُ التي نسلطُ الضوءَ عليها في هذا المقال: ( سوق الاستربادي ) وهو سوق قديم جداً يقع في العاصمة بغداد وتحديداً في مدينة الكاظمية المقدسة ، يعود تاريخ بنائه إلى عام 1912 م وقد تميز هذا السوق بطرازه المعماري واختلافه عن باقي أسواق العاصمة القديمة ، إلى جانب أنه كان يضم أكثر من مئة محل وغرفة في كلا طابقيه ، طوله حوالي 350 متراً يطل من جهة على باب قبلة مرقد الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد عليهم السلام ..ويمتد السوق الى الشارع العام المؤدي الى موقف الكاريات سابقاً .. (كراج بلد) حالياً … بناء محال هذا السوق التأريخي هو عكادة.. وسقف السوق من الجينكو وفي السقف فتحات لدخول الشمس والضوء.. وللطابق العلوي المطل على السوق درج (سلم) للصعود الى طارمة تطل على السوق ذات محجر أشبه بـ الشناشيل، التي تميزت بها الكاظمية المقدسة ، انشىء السوق من قبل الأخوين صادق وعبد الكريم الاستربادي وابن خالتهم الحاج عبد الرؤوف مهدي الكاظمي وهم ينحدرون من عائلة الاستربادي التي أخذ السوق اسمه منها وهي عائلة تركية الأصل مازالت تحتفظ بملكية هذا السوق التراثي ، وإنفرد السوق بمحال بيع الأقمشة والتي كان يشغلها ما يسمون ب البزازين وكذلك باعة الدشاديش الرجالية واليشاميغ و العرقجينات.. والعباءات الرجالية والعكل والفوط.. ومصانع الدشاديش الرجالية التي توزع منتجها على باقي المحافظات العراقية ومناطق العاصمة ..كما توجد في السوق محال صغيرة وقليلة العدد وهي تقع في مقدمة السوق من جهة باب القبلة، تخصصت في بيع (السبح) وخواتم الفضة وبعض الاحجار الكريمة والنادرة ومع مرور الزمن تم استحداث محال جديدة متخصصة في مهن أخرى أبرزها بيع الأحذية والسجاد والأعشاب والعقاقير ودكاكين الصرافة. وقد جسد هذا السوق عدد من الفنانين التشكيليين في أعمالهم الفنية اعتزازاً بتراث السوق وتخليدا لذكريات الماضي التي تداعب الذاكرة بين الحين والاخر ومازال هذا السوق شاخصاً إلى يومنا حيث يعتبر من التحف التراثية ومن الشواهد الحية على تاريخ مدينة الكاظمية العريقة و يرتاده الناس والوافدون من المحافظات للوقوف على احتياجاتهم الأساسية .