فاضل حاتم الموسوي
حينما يتوجه الإنسان المسلم الى دراسة الشريعة وينتهل من معارفها وينتمي الى سلك العلماء , فهذا يعني انه قد نذر نفسه لخدمه الإسلام , حيث يغامر بمستقبله ويهجر موطنه الى الحواضر العلمية تاركا أسرته بلا دخلا ماليا ثابتا – على الأغلب – متحملا الغربة ليتمكن من استحصال العلوم الدينية ليقوم بعد ذلك بواجب التبليغ والدعوة الى الله , محتسبا كل ذلك من اجل خدمة الدين ورغبة في الثواب .
والحقيقة أن الحقوق والواجبات متبادلة على السواء بين طلاب العلم من جهة والمجتمع من جهة أخرى , فليس صحيحا أن يطلب رجال الدين من المجتمع الدعم والاحترام دون أن يقوموا بواجبهم من بذل العلم ونشر المعرفة والتصدي للانحرافات والاهتمام بأمور المجتمع , كما انه في الوقت نفسه ينبغي على المجتمع إذا رأى رجل الدين يقوم بوظيفته على أحسن وجه أن يقف الى جنبه ويقدم له يد العون والمساعدة .
أن مشاكل المجتمع والتطور الهائل في عالم التكنولوجيا يستلزم جهدا معرفيا مكثفا من قبل المؤسسة الدينية من خلال بث معارف الإسلام وتوفير التوجيه الديني التربوي الصحيح بالوسائل المتاحة , ومما هو معلوم أن الدراسة النظرية والجلوس في حلقات العلم شئ مغاير ومختلف عن الممارسات التطبيقية والاحتكاك والتعامل المباشر مع قضايا المجتمع وهو ما يلاحظه كثير من أبناء المجتمع تجاه بعض طلاب العلم من حيث قصور في المستوى الثقافي والعلمي مما يجعلهم في حرج عند النقاش مع الكوادر العلمية والجيل المثقف أو قصورا في التعامل الاجتماعي مع محيطهم الذي يعيشون فيه كالتعامل بطريقة الفوقية مع الناس أو عدم إتاحة الفرصة للنقاش والحوار أو عدم قبول النقد من الآخرين أو الشعور بالتمييز دون غيرهم , والحقيقة أن كثيرا من هذه الملاحظات يمكن معالجتها بالنصيحة والتذكير وعدم الابتعاد عنهم أو تعميم تلك الانطباعات على الجميع بعد الحكم على احدهم .
أن عملية النقد البناء وإعطاء الفرصة الكافية باعتقادي كفيلة بتكامل الشخصية خصوصا في ضل حداثة التجربة الاجتماعية عموما وقله الخبرة والنضج في العمل الميداني , أما سياسة الإلغاء والتسقيط وتجاهل ألمكانه وحرمان المجتمع من الاستفادة من طاقات أبناءه , بل هو بخس لحقهم الذي حذرنا القران الكريم منه .