قراءة ومتابعة/ رزاق مسلم الدجيلي
يقال دائما ان الشاعر هو ايقونة تسبح في فضاء العشق الكبير، ففي مساحة الابداع والكتابة تتفرد شاعرية المكان وتحولاتها وصيرورتها لأجل القصيدة الشعرية التي تنبثق من ذات الشاعر لتأخذ مكانها في حيز الوجود، فالشاعر بكل احساسه وتطلعاته وآماله يريد ان يصل الى مبتغاه يشاركه التوجه في ذلك ذائقة القاريء والمتلقي وتنسجم المعادلة الشعرية بكل مكنوناتها من اجل ذلك، ومما لاشك فيه ان ثالوث الابداع الشاعر والقصيدة والقاريء هي حلقة يجب ان لاتنفرط عن باقي الحلقات الاخرى المكملة بعضها للبعض الآخر، ففي كل المؤثرات تتحد زوايا الوجود الانساني والمكاني لتأخذ من ذاتية الفصول بكل ابعادها الاربعة، رغم ان ديواننا هذا(حلمٌ ايقظهُ البرَد) هو عنوان لفصل واحد لكن تشعب الرؤى والتوجهات وكينونة الذات تطالع المتلقي وكأن الشاعر يريد ان ينقل فصول السنة كاملة في عنوان ديوانه، فشاعرنا الاستاذ ناظم جليل الموسوي مارس كتابة القصة القصيرة والرواية بالاضافة الى الشعر فتكاملت لديه كتابة القصيدة بكل اشكالها وهو المتمكن في ذلك واختزنت في ذاكرته البحور الشعرية والامكنة المختلفة لانطلاق سيل المفردات والكلمات في قصائده الجميلة، لاسيما هو عاشق للورود التي تزهر في بستان حديقته التي عقد معها صلحاً ابدياً، يقول الاديب برونو دورشيه(ان الابداع الشعري في حاجة الى الحرية، وان على الجماعة
أن تحمي الشاعر من اجل تنمية احساسه الروحي) ويقول ايضا (الحقيقة في الاشياء والانسان، وعلى الشاعر ان يكشف عنها ويجعلها تتكلم) ويعبرالشاعر لويس آرغون في هذا المجال ليقول(نحن نسهر، نفكر بكل شيء، نكتب الشعر ونكتب النثرلأن علينا تزجية الوقت بأنتظار النهار الآتي) وها نحن نتصفح ديوان (حُلمٌ ايقظهُ البرَد) وهو من اصدارات دار الضياء عام ٢٠١٤ والذي احتوى على قصائد عديدة منها، ترنيمة في بقايا الليل، نوازع قلب، نور الغدير، دموع ساخنة، الخوف يوصد أبوابه، حُلمٌ ايقظهُ البرَد، حب وحرب، رائحة المطر، عروس النخيل وغيرها من القصائد التي امتعنا بها شاعرنا الجميل، ففي قصيدته الطويلة(ترنيمةٌ في بقايا الليل) يقول سكرت خفافيش الظلامْ
صارت تلوك جناحها
جثمت على صدري تنامْ
نصبت دمائي تقتفي أثرَ الجراح
فدمي مُباح
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ومن قصيدة(نوازع قلب) نقرأ
جاءعمري يندبُ حطام السنين
منادماً صولجان الزمن
وسط زحام المارة
أصافحُ آلامي
اهدهد جراحي وأحلامي
خيمتي تحلمُ بالسراج
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وفي قصيدة (هاربٌ من العشق) يصرخ باعلى صوته بلواعج المحب الوامق عندما يلاحق أحزانه وآهاته نحو من يحب فيقول
هربت من العشق
إختبأتُ في قلي إمراةٍ خاوية
طاردتني همومي
فعثرت في شراينها الدامية
هنا عيشك الرغيد
وهنا حتفك الاكيد
زوبعة ضجيج عالية
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الشاعر الاستاذ ناظم جليا الموسوي يخبأ في حناياه صوره الشعرية المبهرة وهو بلا شك يؤثث لمسيرة كاملة من عمره الادبي وصوته الشعري يحاكي الهم الانساني بأعلى صورة مع ميثولوجيا يعبر بها كل الحدود ليقول في قصيدته، (حب وحرب)
قصيدتكَ لوت قلبي
تباريحاً من الصبَّ
وماتحوي من السخطِ
فأني عازف الصخبِ
عهدتكَ والهوى عطرٌ
بساتيناً من الخصب
أنت صديقي الأوفى
أزلت الشوك من دربي
أنت الصاحب الأسمى
تصونُ الودَّ للصحب
كلامكَ عندي مصداقٌ
ومبتعداً عن الكذب
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ومن قصيدة (حُلمٌ ايقظهُ البرَد) نقرأ
عشرون عاماً
غرفتي ينهارُ من جدرانها وسقفها التراب
أرضها قفارٌ
وليلُ شتائي ينقضي بدون باب
شباكها يتيم
وصبرهُ حليم
مؤطرٌ بالورق المُقوّى
هدهدهُ المطر
كما الخريف بالشجر
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وهكذا يرحل بنا الموسوي الى عالم النقاء والصفاء والمفردة الشعرية الرائقة ومما لاشك فيه ان قصائد هذا الديوان متفردة في حزنها وشجوها وهمها الانساني ويقول الاديب( بيير بو جوت) (ان موقع الشاعر؟ كائن إسمي معروف يؤثث للبقاء الانساني دون أن يحصل على اي امتياز اجتماعي، أي انه يحرق نفسه من أجل الاخرين، وسنقف مرة اخرى مع قصائد الموسوي في ديوانه هذا الذي يعد اضافة معرفيةفي الحراك الادبي والشعري على مستوى محافظة الديوانية والعراق الاشم من شماله الى جنوبه