منى الصرّاف/ العراق
كلنا نعلم ان دور الأم مهم في حياة طفلها في السنوات الأولى من حياته لانها الشخص الأول من الناس الذي سيلتقي بهم . فمعرفته الأولى ستكون من خلالها .
فالطفل لا يدرك المعاني المجردة للمفاهيم المجتمعية وخاصة ( الدينية) والتي اصبحت الان الشغل الشاغل الرئيسي لمجتمعاتنا ! فالعقيدة والغيبيات تعتمد تفسيراته بها على المشاهدات الحسية والواقعية ، أن تنمية خيال الطفل بهذه الامور المتعلقة بأناس او احداث لم يتح التعامل المباشر معها مهمة ، فمثلا كلما فكرنا ( بالله او بالتاريخ ) لابد من استخدام ذلك الخيال ، فالخيال هنا ضروري وجوهري للتفكير بالواقع فقدرة الطفل الكبيرة في التخيل ستصبح له بعد ذلك مصدر قوة وستمكنه من حل جميع مشكلاته الصغيرة باستخدام خياله ، لذلك ان غرزنا السعادة والفرح في ذكرياته سيصبح له الماضي جميلا ، قد يكون « خداع ذاتي « لسنوات له قادمة لعلها « مريرة « لكنه مع هذا سيبقى محافظا على خط تقدمه في الحياة وسيعمل بجد للوصول الى اهدافه وتستمر مطاردته للسعادة .
ولكي نعمل على توسيع ادراكه لابد من تنمية ملكته التخيلية من خلال الادلة لوجود شخصيات محببة للاطفال خيالية وعلى سبيل المثال هنا ( علاء الدين والمصباح السحري) ، ( البساط الطائر) شخصية ( سانتا كلوز ) او بابا نوئيل او ( سوبر مان ) ، ( ليلى والذئب ) ، ( توم وجيري ) ، ( قطر الندى والاقزام السبعة ) ، ( سندريلا ) وتطورت تلك الشخصيات الكارتونية الان لتصل الى شخصيات اخرى اروع ، كل تلك الشخصيات الكارتونية ستغرز بداخل الطفل تنمية خياله في المعرفة بين الخير والشر ومحبة الاخرين . لو نلاحظ ان من اكبر الشخصيات تلك والتي تحولت الى واقع في حياة البشر هي شخصية ( سانتا كلوز ) وتلك العلاقة ( النفعية )المتبادلة بين « الإله والطفل « او بينه وبين أمه جعلته يعمل كل ماهو جميل ليحظى بهدية او هدية نهاية العام من بابا نوئيل على سبيل المثال . فتلك العلاقة المرتبطة بسلوكه الطيب والمكافئة التي سينالها بعد ذلك جعلت من فكرة الإله او الملاك محبب لدى الاطفال ، فلغة «التخويف» من الله لربما في حال فعل الامور السيئة ولغة العقاب الالهي «بالسلخ والحرق» ستجعل الطفل في حالة «نفور «حتى من المقدس في سنوات له قادمة ( فالله الجميل ويحب جميل الافعال ) هي الفكرة الانجع ، ولا نحوله الى شخص «جبار منتقم «او لا يمتلك الرحمة گ رحمة أمه في التسامح ستزيد هنا من الطين بلة مستقبلا .
ان جميع الاطفال يمتلكون خيالا واسعا ولكن نلاحظ في تقدم عمر الانسان يقل لديه هذا الخيال بأستثناء الاطفال الذين عمل ذويهم في تمنية تلك الملكة ليصبح بعد ذلك مبدعا خلاقا في جميع العلوم والمعرفة . وهذا يتطلب تدريب الطفل لتنمية عقله في المحيط الاول الذي ينشأ فيه وهو الأسرة ، وذلك باستخدام الاشياء البسيطة والمحببة مثل حكاية قبل النوم واغنية بترنيمة تهدهده ، او مثلا صناعة قارب صغير من الورق او العاب مثل ( الميكانو) او استخدام الاقلام الملونة والرسم عليها او تحويل الفاكهة او الخضار الذي « يكره « على هيئة اشكال وشخصيات محببة حيوانية مثلا ليقوم بعد ذلك بأكلها او اللعب معه بطريقة اغمض عينيك وتخيل انك في غابة او في السماء او او .. وتستطيع الأم ان تجعل من جملة ( ماذا لو ) وتلك التساؤلات من خلالها على تنمية خياله كمثال على ذلك :
– ماذا لو حدث خلاف ومشاجرة بين الفاكهة والخضار من الذي سيفوز؟
– ماذا لو أعتليت غيمة في السماء مالذي ستفعله ؟
– ماذا لو كانت النجوم في متناول يدك مالذي ستصنعه بها ؟
– ماذا لو كنت تحت غطاءك وشاهدت اسدا قادما اليك فما الذي ستفعله؟
– ماذا لو شربت كأس من عصير « تكره « ما الذي ستقوله بطنك ؟
– ماذا لو كنت ( سوبر مان ) ما الذي ستفعله ؟
– ماذا لو كنت ( الله ) او اي شخصية قيادية تأريخيه ماالذي ستفعله ؟
وهكذا في الكثير من التساؤلات التي تستطيع الأم من خلالها تنمية مخيلته ودس النصيحة بشكل « مخفف ولطيف « محببة للأطفال .
قيل لاحد الاطفال مرة وهو لم يتجاوز الخامسة من عمره : ماذا لو تحول ذلك التلفاز الكبير الذي امامك الى اخر اصغر حجما بحيث لا تستطيع حتى مشاهدت الفيل فيه ؟
فأجابهم بشكل مذهل : لاتوجد مشكلة ساعطيه الى ( النمل ) ليستمتعوا كما انا بافلام كارتون . أن الاسئلة التي تبدو لنا غير منطقية فهي تساعد الطفل على التخيل وتنمية فكره فالخيال يدفع الطفل الى الابداع بشتى المجالات العلمية والعملية وفي التكنولوجيا وجميع الفنون الادبية او الفنية الاخرى فجميعها جاءت نتيجة الخيال . فهذه الملكة سيسخرها مستقبلا من اجل فعل شيئا ما وسيصبح متقد الذهن وسريع في ردة فعله امام اي حدث يقع امامه ، فتنظيم الافكار المخزونة في الذاكرة ستنتج ايضا صورا جديدة في الابداع فلا يوجد طفل غبي واخر ذكي في المعرفة بل يوجد طفل بخيال خصب واسع واخر لم يدرب في تنمية تلك المخيلة .
قال فرويد – ( ان الأبداع ليس بمقدار الذكاء بل بمقدار الخيال ) .