عبد الرسول الاسدي
هل أصبحنا على الطريق الصحيح لوضع خطط تنمية وطنية شاملة تقوم على أسس موضوعية وتستند الى معطيات رقيمة بعيدا عن المزاج وعن التصورات الفردية والإجتهادات غير المؤسساتية .؟
عمليا لقد غابت الخطط التنموية الستراتيجية الوطنية الشاملة عن العراق طيلة العقود الماضية بسبب إنشغالات النظام السابق بالحروب العبثية التي تستنزف موارد الدولة والإهمال المقصود لجوانب متعددة ثم ما تلا ذلك من إحتلال وتهديد إرهابي وغيرهما .
لكن الى أي حد يمكن البرهنة على أن تلك العشوائية والتخبط في التنفيذ وتبديد الأموال قد أصبح جزءا من الماضي الذي لا رجعة اليه ؟ عمليا تكمن الإجابة في جزئيات كثيرة لعل في مقدمتها التوجه الحكومي لإعادة هيكلة قطاعات الدولة ومؤسساتها بشكل يبعدها عن تعدد القرار ومصادره وتقاطع الصلاحيات وتضارب القوانين والروتين الذي يستنزف الإمكانات ويستهلك فرص التقدم ويؤثر على الفرد والمجتمع بأسره .
ولعل خطوة التعداد العام للسكان هي بوابة التنمية الصحيحة بشقيها التخطيطي والتنفيذي باعتبار أن مثل هذا التعداد لم يتم إجراءه منذ أربعة عقود تقريبا مايمنحنا فسحة أمل كبيرة بخصوص النتائج التي ستتمخض عنه والرؤى الكفيلة بإنجاح مخرجاته ووضعنا على سكة التنفيذ الدقيق والواقعي .
فوفقا لمراقبين فان الخطة الوطنية الشاملة للتنمية للأعوام ( 2024-2028) ستنبثق الخطوة الأولى فيها وفقا لنتائج التعداد العام للسكان الذي تم إجراؤه بنجاح منقطع النظير.
فهو حجر الزاوية في بلوغ التوزيع العادل للموارد بين مختلف السكان، ويمنح صانعي القرار نظرة شاملة على الإحتياجات السكانية ويساعدهم في تقليل التفاوت بين الفئات والمناطق المختلفة، فباستخدام نتائجه بشكل صحيح، ومن خلاله بيانات الإحصاء يمكن تحقيق تنمية متوازنة وعدالة إجتماعية أكبر.
فالحكومة وجهازها التنفيذي سيكون في امكانهم بناء سياسات إقتصادية تأخذ بعين الإعتبار التوزيع الجغرافي والسكاني، مما يعزز الإستفادة العادلة من الموارد الوطنية مثل الطاقة والمياه وغيرهما اضافة الى أنه يسلط الضوء على المناطق المحرومة أو التي تعاني نقصا في الإستثمار الحكومي ما يدعم توجيه السياسات نحو تقليل الفجوة التنموية بين المناطق الحضرية والريفية .وباختار فنحن أمام مرحلة جديدة غير مسبوقة يمكن من خلالها إدارة الموارد المادية والمالية للبلاد، ودعم صناديق التنمية، وتعزيز الإقتصاد الوطني بما يحقق رفاهية المجتمع.