عبد الرسول الاسدي
(أحكم على الشخص من أسئلته لامن أجوبته ) فولتير
كنت مارا في شارع الرشيد في طريقي الى مقر الصحيفة بعد حضور فعالية ثقافية أقيمت في شارع المتنبي في أحد الجمع المكتنزة بالحيوية حين إستوقفني أحد الأصدقاء سائلا اياي عن موضوعة معينة فكان ردي أن الإجابة لا تتوفر لدي لعدم دقتها . صعقني الرجل بإجابته حين قال: شلون أنتم صحافة ومتعرفون !!!
تذكرت موقفا آخرا مر به أحد الزملاء حين كانت إحدى نساء الحي الكبيرات في السن تستوقفه كلما صادفها في الشارع ذاهبا الى العمل لتسأله عن حدث تاريخي أو إسم شخصية إسلامية وبشكل مفاجئ ثم تنعته بصفات ونعوت مزرية إن أجابها بأنه لا يعرف!!
المشكلة طبعا ليست في أننا قد لا نملك أحيانا المعلومة الدقيقة لكن الطامة الكبرى حين ندعي أننا نعرف كل شيء ثم نتدحرج الى القاع في محاولة إقحام أنفسنا في كل شيء .
أحيانا يجب أن لا نعرف لكي نتعلم ولا ندعي المعرفة المطلقة بكل شيء وبعض المعلومات المظللة قد تكون كفيلة بإحداث هزات عنيفة في المجتمع وتراجع خطير في منظومة العلاقات من حولنا .
لقد إتبع طه حسين منطق ديكارت في التشكيك فقاده التساؤل الى المسائلة والإتهام ولعله أوغل كثيرا في ذلك التشكيك وصولا الى مرحلة اللا إعتقاد وهي قضية لا تخلو من جدل . لكن في المجمل إدعاء المعرفة الأكيدة فخ كبير ومصيدة لا يجب أن نسقط بين مخالبها لأنها تورثنا الكثير من الاعياء.
قديما قال الإمام علي عليه السلام ( ماجادلت جاهلا إلا وغلبني وما جادلت عالما إلا وغلبته ) وهي مقولة تشي بالشيء الكثير وتفضح عمق الحاجة لأن نعرف من يطرح الأسئلة وليس من يجيب عليها .