عبد الرسول الاسدي
يعد تعظيم الإيرادات غير النفطية واحدا من أهم الهواجس الإقتصادية التي تثير القلق لدى العراقيين بشكل عام والإقتصاديين بوجه الخصوص لأن إعتماد البلد على الريع النفطي يتسبب بنتائج سلبية وعقبات كاداء تواجه مصير الأجيال .
فالكثير من الدول النفطية في المنطقة والعالم باتت تستثمر عائدات النفط في مجالات مختلفة لتنويع الإيرادات وعدم الإعتماد الكلي على الثروة النفطية لأنها تتبع لإقتصاد السوق والعرض والطلب وهو ما يجعل أسعارها متذبذبة وبالتالي تقيد الإنفاق ولا يمكن بناء موازنات ناجحة على أساسها .
بعض الدول انشأت صناديق سيادية منذ عقود من الزمن وخصصت ريع تلك الصناديق للموازنة أو للأجيال القادمة فيما بات النفط يمثل جزءا من الموازنة لا كلها . فالنروج مثلا دولة نفطية لكنها لا تصدره ولا تعتمد عليه في موازناته بل أوجدت بدائل مهمة وشرعت في إنشاء واحد من أهم الصناديق السيادية حول العالم.
والتجارب كثيرة ولكن لا بأس من التذكير في أن الإقتصاد العراقي شهد هو الآخر محاولات جريئة لكنها مثمرة في تدعيم الإقتصاد المالي وتنويع الإيرادات بما بنعكس إيجابا على العائدات ومنها الموازنة .
المستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، أكد في آخر تصريح له أن متغيرات الجداول المالية لسنة 2024 مطابقة للثوابت التي إعتمدها قانون الموازنة العامة الإتحادية لعام 2023، وهو ما يعد مؤشرا على إضباط عال في تعظيم الإيرادات غير النفطية، بما في ذلك الضرائب والرسوم الجمركية. وهنا نؤكد أن ذلك يجب أن يستمر بنسق تصاعدي لأن العراق يعتمد في موازناته على ما نسبته 95 بالمئة على النفط وهو رقم خطير جدا يجعلنا في نمهب ريح التغيرات .
وهو ما يتفق معنا فيه الدكتور مظهر محمد صالح الذي أكد على أهمية فرض الإنضباط على النفقات التشغيلية ورفع كفاءة الإنفاق الإستثماري لضمان معدل نمو مرتفع في الناتج المحلي الإجمالي.
في المحصلة نتمنى أن تستمر هذه السياسة بشكل تصاعدي وأن يكون لدى الدولة العراقية إستثمارات محلية وخارجية تخرجها من دائرة الإعتماد على مورد واحد ثابت وتنقلها الى الإقتصاد المستقر البعيد عن الأزمات والصدمات والإقتراض والعجز .