عبد الرسول الاسدي
رحم الله الشاعر حين توسم في الرجاء والوفاء خصالا لم يجدها إلا في من كان له الحسب والدين وهو يقول :
أخلاءُ الرخاءِ همُ كثيرٌ وَلكنْ في البَلاءِ هُمُ قَلِيلُ
فلا يغرركَ خلة ُ من تؤاخي فما لك عندَ نائبَة خليلُ
وكُلُّ أخٍ يقولُ : أنا وَفيٌّ ولكنْ ليسَ يفعَلُ ما يَقُولُ
سوى خلّ لهُ حسبٌ ودينٌ فذاكَ لما يقولُ هو الفعولُ
ولان الشرق واكبت عبر مسيرتها الطويلة أجيالا من الجراح وجبالا من المصاعب فانها نعم الخل الوفي للمجتمع طامحة الى تمثيله وغيورة على أن تكون لسان حاله والترجمان الاكفأ لواقعه والمحاكي لما يدور على الأرض بلا تظليل ودون تزييف أو فبركة.
اليوم يحق لنا أن نتحدث عن الشرق لنقول بملئ الفم أنها صاحبة عهد وميثاق وأمانة وبشهادة الآخرين لا بشهادتنا المجروحة فيها . فالكم الكبير من رسائل التأييد والتضامن والتهنئة والتبريك تكشف عن منزلتنا الحقيقية في عيون الآخرين الذين يجدون فينا أكثر من رعاة للمسيرة بل مؤسسين شامخين في مضمار التأصيل لتجربة إعلامية فازت بالنضج الذي يتيح لها الإستمرار على درب التجدد.
فما يميز الشرق عن غيرها إنها مرنة وكثيرة الإنسياق مع التفاصيل اليومية التراتبية التي تضعها في طليعة المؤسسات الإعلامية التي تحظى بقبول الجماهير لأنها ليست مؤدلجة ولا تبحث عن خندق تتمترس به في إنشغالاتها وتعاملاتها مع الواقع بل كينونة ذات مزاج متفرد أنتجته الظروف الموضوعية لمزيج من المهنية وحب المهنة والتعاطي المثالي الدؤوب مع مايدور من حولنا من أحداث وما نواكبه من متغيرات .
وصال الشرق يختلف عن سواه لأنها تركت في النفوس ذلك الأثر الذي لا يمحى من عافية المهنة فأوقدت في القلوب حبا أبديا لمسيرة عمادها القرب من الآخر والتماهي مع الوجدان والإندفاع في درب آلاف ميل من الحب لكل المجتمع .