عبد الرسول الاسدي
لم يكن تتويج الدكتورة العراقية تالا خليل بلقب صانعة الأمل الأولى على مستوى الوطن العربي لعام 2024، من بين أكثر من 58 ألف مرشح مجرد تحصيل حاصل بل جاء ليؤطر الصورة المشرقة لمسيرة حافلة بالتحديات والمنجزات على الصعيد الإنساني كمحاربة حقيقية وراعية لصناعة حياة .
فالدكتورة تالا هي صيدلانية بصرية إمتزجت خصالها بالملح والشمس وإشراقة الشط وتفاصيل الطيبة وشربت من تلك المياه الأصيلة في فيحاء العراق ولها من نخيل الجنوب صفات لا ينافسها فيه سوى حناء التجدد وبهجة النوارس.
الشعور العارم والعميق بآلام الآخرين وسعيها لإنقاذهم مما يعانونه من مصاعب وتحديات ومشكلات صحية ترافقها الهموم النفسية وضعتها في تلك الخانة التي لا يدخل اليها إلا القلائل من البشر ممن يحملون في جيناتهم نقاء الحب وعذوبة الوفاء.
أكاديمية المحاربين التي انشأتها تالا خليل لم يكن مجرد فكرة وجدت من يرعاها بل حصيلة عمل شاق إستمر على مدار ثمانية أعوام ابتدأت بتلك الرغبة الكبيرة والهمة العالية في إعانة أولئك الأطفال الذين لا يعرفون طعم الإبتسامة في حياة شاحبة بفعل السرطان أو متلازمة داون .
ومن الكرفان الصغير المصنوع من ال( سندويتش بنل ) إنطلقت معركة الحرب ضد اليأس بقيادة المحاربة تالا التي تحولت الى قائدة لأوركسترا البراءة التي تعزف على وتر الإنسانية بأنامل الشغف مستعيدة ترديد قسم الولاء والطاعة لتلك الهواجس التي إستعصت عليها في أن لا تبدد لحظة واحدة دون أن تكون برفقة أطفالها المحرومين من الإستمتاع طويلا بنكهة الوقت .
158 طفلا سعيدا جدا صاروا يرتادون الأكاديمية التي لا توصد أبوابها بوجه أحد وتواصل الليل بالنهار في سعيها الدؤوب لإنتشال العصافير الجميلة من بؤس المحطات .وبين الألعاب وتنمية المهارات والتعلم وغيرها من التفاصيل الجميلة كانت ساعات المحاربة العنيدة تنقضي دون أن تشعر بالكلل أو الملل.
شاهدتها أثناء عرض بعض مقاطع الأفلام في حفل التتويج وهي تكاد تذرف دموعها (كل الأطفال الذين شاهدناهم في الفلم ماتوا )
وبين المكابرة والحلم والشعور بالفرح والكبرياء تمضي المحاربة الدكتورة تالا في إستكمال مشوارها المبهج لصناعة الإنتصار للحياة والوقوف بالضد من كل نزعات التردد والفشل والكسل.