عبد الرسول الاسدي
حين صرح الكاتب العالمي فرانز كافكا بان ( كتبي هي انا وان حياته بالمختصر هي محاولة للكتابة) فقد عنى بذلك تلك الاشواط الطويلة من العبور فوق اسيجة شوكية من المحاولات التي لا تخلو من عبث ومتاعب ومطبات ايضا. لكن في النهاية لابد من نهاية تلوح في الافق تترجم فيها الاعمال الادبية والفنية الى صيغ تحاكي المجتمع وتنسج همومه باطار مشوق يمكن ان نطلع عليه ونعرف تفاصيل مختلفة كنا نجهلها.
في مسلسل النقيب كما في مسلسل العشرين وهما عملان رمضانيان عملاقان يحق لنا ان نفخر بالدراما العراقية التي نجحت في محاكات الواقع ونقل صور حية وتجارب واقعية على شكل فني درامي استقطب المشاهدين فتحولت الشاشة الى لسان ناطق يحكي عن بطولات ومواقف استشهادية وتضحوية لرجال امناء ونساء حرصن على ان يكن في الصفوف الاولى حين لاحت طلائع التحدي فلبى العراقيون النداء.
الشهيد النقيب حارث السوداني الذي تمكن من اختراق عصابات داعش الارهابي وعمل معهم متنكرا لينقل للجيش العراقي تفاصيل دقيقة عن تحركات التنظيم الداعشي المجرم ويمنع اكثر من ثلاثين سيارة مفخخة من ان تنفجر بين صفوف المدنيين الابرياء لم يكن يعرفه الكثيرون واليوم تغيرت البوصلة وصار بامكان عائلة الشهيد ان تفخر ان الجميع عرف حجم التضحية الجسيمة التي بذلها من اجل ان نهنا وننعم بالحياة .
الاعمال الدرامية يمكنها ان تغير بوصلة تفكيرنا حين تجسد الواقع وتنقل تفاصيل نجهلها بالصوت والصورة والحدث والشخصية واعتقد ان الاخوة المصريين الذين سبقونا بمراحل في هذا المضمار حققوا نجاحات مبهرة اصطف اثرها المجتمع خلف الاسماء اللامعة لشخصيات عسكرية وامنية تصدت للارهاب وقدمت انموذجا في البذل والعطاء من اجل الوطن.
نعم تاخرنا كثيرا في تقديم اعمال درامية تليق بشهداء الوطن وهم كثر سواء في مرحلة الكفاح ضد النظام الدكتاتوري المجرم او ما بعد 2003 ولكن ما تقدم في هذا الموسم كان جديرا بالاهتمام والاحترام نظرا للحرفية الكبيرة والاداء المذهل والمحتوى المتميز.
فتحية لكادر العمل المتميز في مسلسل النقيب وشكرا لرئيس الوزراء لان المنحة التي رصدت للدراما العراقية اتت اكلها في عمل ناجح ومبهر ، وشكرا للفنانة القديرة الاء حسين التي ابهرت الجمهور واستدرت الدموع ونجحت في تقديم سردية البطولة والايثار والفداء على طبق من فن رصين جميل وهادف.