تحقيق/ علي صحن عبد العزيز
مصطلح المنتدى في اللغة ناد أو مجلس القوم لتبادل الآراء ، وفي مجال قضايا الأدب والثقافة فإنها وجدت لتواكب الحركة الثقافية لتعمل على تنشيط فعاليتها وتنظيمها، وكان النتاج الأدبي والثقافي في زمن الصحافة الورقية ينشر على الأغلب في الملاحق الثقافية، لكن المنتديات وفرت للأدباء من كتّاب وشعراء ونقاد إمكانية نشر نتاجهم الأدبي للمتلقين وإلى كل العالم بصورة لم تكن لتتحقق لهم من قبل، وأوصلت صوته إلى أكبر شريحة ممكنة من القراء ، ونتيجة لأنحسار النشر الورقي ومحسوبياته والأخوانيات التي تسيدت عليه ، فإن هذا النوع من المنتديات كان أكثر فائدة مرجوة على الرغم من فعالياته التي يطلع عليها أعضاؤه أو بعض الأصدقاء مجاملة أو كأسقاط فرض ليس إلا.
(جريدة الشرق) أستطلعت آراء نخبة من الشعراء والشاعرات والأدباء ووجهت إليهم هذا السؤال ما الذي قدمته تلك المنتديات وهل تعتقد بأنها محاولة لسد فاقة النقد في تسليط الضوء على الحركة الأدبية والثقافية وتعزيز دورها؟ وكانت هذه الآراء الواردة.
فضاءات واسعة
د. سعد ياسين يوسف/ أديب وباحث أكاديمي: في كل الأحوال يبقى الإبداع في كل أجناسه ورقيًا هو الأبقى والأفضل ولكن لاضير في وجود المنتديات الثقافية التي شهدت إنتشاراً كبيراً وبشكل واضح إبان انتشار (كوفيد -١٩) حيث تحولت أغلب نشاطات المؤسسات الثقافية عبر منصات التواصل الإجتماعي وقد حققت نجاحًا كبيرًا ، وشملت تلك الأنشطة الجامعات التي أفتتحت منصاتها الأكاديمية على مواقع «السوشيال ميديا» لتنفتح على فضاءات واسعة في كل قارات العالم وحققت مالم تحققه عبر منصاتها الداخلية في الأقسام والشعب العلمية ، ولقد أستطاعت المنتديات الثقافية والعلمية أن تكسر تقليدية برامج المؤسسات الثقافية لتكون رئة جديدة لحياتنا الثقافية.
إيجاد فرصة
د. علي لعيبي/رئيس مجلس وتحرير مجلة الآداب والفنون العراقية الورقية : مع كثرة تلك المجموعات وتنوعها وتعدد الأغراض في غاياتها وأهدافها والكم الكبير من النشر الصالح والطالح ، لكن في كل هذا المعترك حتمًا ستجد من يبحث عن فرصة لكي يصل صوته ، وهنا يأتي دور المجموعات في أن تقدمهم للجمهور في ظل هيمنة الأسماء التي تحسب نفسها أحيانًا آلهة الشعر ، والمهم هناأن إدارة تلك المجموعات يعملون بلا مقابل من أجل خدمة بلا منة.
واجهة رقمية
د. عبد الكريم المصطفاوي/ كاتب وناقد واكاديمي: من خلال اطلاعي بشكل ميداني ومشاركتي في بعض المنتديات أرى أن ظاهرة أزدياد المنتديات الثقافية والأدبية في أضطراد مستمر، وفيه جوانب إيجابية كثيرة جدًا، وأرى أن سبب هذه الظاهرة يرجع إلى أمور عديدة منها: أمكانية التواصل والتبادل الثقافي وأنها توفر المنتديات الثقافية والأدبية فرصة للناس المهتمين وغير المهتمين على السواء في الأنخراط والتواصل فيما بينهم وتداول المواضيع الثقافية والأدبية المختلفة ، وكذلك تساهم في إلغاء المسافات والحواجز ويعد هذا التفاعل والتواصل فرصة لتبادل الآراء والافكار بين أفراد مختلفين من جميع أنحاء العالم، ويبغي الحدود والمسافات عابرا البحار والمحيطات، مما يثري الحوار الثقافي والأدبي ، كما تعد هذه المنتديات عبر الإنترنت واجهة رقمية مفتوحة للجميع، حيث يمكن للأفراد الوصول إليها بسهولة وبدون قيود جغرافية، وبذلك فهي فرصة مناسبة لتبادل الأفكار والرؤى والمعلومات وتلاقحها وتضييق الفجوات الثقافية بين الشعوب كما يساهم هذا التواصل السهل في تعزيز الثقافة والأدب بين مختلف شرائح المجتمع وزيادة الوعي الثقافي ، وأنها تنمي المهارات وتطوير القدرات:
وتوفر المنتديات الثقافية والأدبية كذلك فرصة لتبادل التجارب والمعارف، كما توفر بيئة ملائمة للأفراد لتطوير مهارات التأليف والكتابة وممارسة الفنون والخطابة وصقل الموهية والتعبير عن الأفكار ، بالإضافة إلى أنها تعتبر حلقة التواصل بين الأجيال داخل المجتمع الواحد وردم الهوة والمحافظة على الهوية الوطنية والمحافظة على التراث الثقافي وتساهم المنتديات الثقافية والأدبية في المحافظة على التراث الثقافي والأدبي من خلال مناقشة الأعمال الأدبية التقليدية وتقديمها للأجيال الجديدة ، ويسعى يعمل المنضمون تحت هذه المنتديات على نقل القيم الثقافية والأدبية إلى الأجيال الصاعدة وتعزيز الوعي بأهميتها ، وتتميز بسهولة الإنضمام إليها بدون أدنى جهد وبدون تكاليف وكذلك يمكن المشاركة والمساهمة في النشر والرد في أوقات مفتوحة وغير محددة.
أسباب عديدة
عكاب طاهر/صحفي وناشر: المنتديات الثقافية العراقية عامة والبغدادية خاصة نشاط ثقافي موازٍ لنشاط الدولة الثقافي نشأ وأستمر للأسباب التالية : شعور القائمين به بعدم كفاية نشاط مؤسسات الدولة الثقافية أو أنحرافها عما يعتقدونه نشاطًا ثقافيًا سليمًا ، وهو نوع من أنواع الوجاهة والحضور
المجتمعي تنفيذ توصية من عميد عائلة غادر إلى دنيا الآخرة ، وفي ظل وضع أمني غير مستقر ، وكذلك في ظل بعض التكاليف المالية أصبحت بعض هذه المجالس عبئًا على أصحابها غير القادرين ماليًا ، ويمكننا القول إن هذه المجالس أدت دورًا ثقافيًا مع صعوبة في أداء هذا الدور ، ونعتقد أن قيامها مبادرة من أصحابها.
حراك ثقافي بارز
حسن الموسوي /روائي وناقد/ رئيس منتدى العراق الثقافي : في عالم التكنلوجيا والفضاء الأزرق وأنتشار المعلومة بسرعة البرق ، حتى بات بإمكان أي شخص أن ينشر ويتواصل مع الآخرين بضغطة زر وهو جالس في مكانه ، وعلى الرغم من وجود هذه الميزة العجيبة ، إلا أن المنتديات الثقافية قد لعبت دورًا بارزًا في الحراك الثقافي ، ففي كل يوم جمعة نجد المنتديات الثقافية تتزاحم فيما بينها من أجل تنظيم جلسات ثقافية وعلى قاعات المركز الثقافي البغدادي فيما شكل تفاعل المثقفين مع تلك الجلسات الظاهرة الأبرز والتي تبعث التفاؤل والسعادة في نفوس القائمين على تلك المنتديات.
ديمومة دعم المنتديات
لطيف عبد سالم/ باحث وناقد : شهد العراق نشوء العديد مِن المُنْتَديَاتِ الثقَافِيَّة – وإنْ كان في نطاقٍ ضيق منذ أيام العقد الثاني مِن القرن الماضي، والتي أستمدت ضرورة وجودها، من حاجةٍ المُجْتمَع المُلحة إلى تنميةِ الوعيّ الفِكْرِي، وبخاصة في بيئةِ المثقفين، حيث اضطلعت مجموعة من المجالسِ الثقافيَّة بمهمةِ السعي إلى تشكيل الوعيِّ المُجْتمعِي لدى الشرائح الاِجْتماعيَّة مْنْ خلالِ توظيف قدرات وإمكانيات إداراتها واستجابة مريديها في مسَارٍ مَعْرفِيٍّ جاء في أبعادهِ مُنْسجِمًا مع تحولاتِ الوعِيِّ الجَمْعِي. ولا ريبَ أنَّ المُنْتَديَاتَ الثقَافِيَّة – الواقعيَّة وليست الافْترَاضِيَّة على وسائلِ التواصل الاِجْتماعِي – قدمت الكثير مِن العطاءِ الثقَافِي بِمُختلفِ مواضيع الفِكْر والثَقافَة، ومَا مِنْ شأنِهِ التعبِير عَنْ حاجاتِ المُجْتمَع عبر مَا قامت بهِ مِنْ ندواتٍ حواريَّة، تبادلت فيها النُخب الثقَافِيَّة الرؤى حيال مُخْتلف المواضيع الثقَافِيَّة والأدَبِيَّة والأجْتماعيَّة والاِقْتصَادِيَّة والسِيَاسيَّة، الأمر الذي يلزم الجهات الحُكُوميَّة المعنية بهَذَا المَوْضُوعِ دعم هذه المُنتدياتِ والاِهْتمام بِهَا ، لأجلِ تمكينها مِنْ مُواصلةِ سعْيِهَا في إثْرَاءِ الحركة الأدَبِيَّة والثقَافِيَّة، وعدم الأقْتصَار على منْحِها الشَرْعِية في العمل، فالدعم بكافةِ أشكاله يُشكل ضَرُورَة لأسْتمرَارِ وديمومة المُنْتَديَاتِ الثقَافِيَّة في عَملِهَا، إذا مَا أدركنا ضعف فاعلية النشاط الثَقَافِي الحُكُومِي.
شروط التقييم
رياض داخل/ مدير دار السرد للطباعة والنشر والتوزيع: المنتديات الثقافية يساهم في تقيماها ذات الأدباء أن بشرط أن يكونوا حقيقيون وأصحاب نتاجات راكزة ومهمة، وهنا يمكن تقييم المنتديات بأنها جيدة أم ضحك على الذقون، تساهم أو لا تساهم في بناء أدب رصين ونافع ، وأنني استغرب من البعض يركض خلف الشهادات التقديرية والتي تمنح من انصاف المواهب لهم من أجل الأنتشار لا غير، في هذه الفترة كثرة المنتديات، الملتقيات والشهادات الكاذبة، وعلى الأديب أن يعرف تاريخ ورصانة إدارة المنتديات قبل الإنضمام لها.
وجود سلبيات
صبيحة شبر/ قاصة وروائية : من المؤكد المواقع الإلكترونية أو النوادي الثقافية قدمت الكثير لمن يريد أن يطلع القراء على نتاجه الأدبي سواء كان شعرا أو نثرًا ، ورغم وجود الأيجابيات الكثيرة التي يلمسها المنصفون إلا أن هناك سلبيات رافقت الأعمال الأدبية المنشورة عبر هذه المواقع مثل تدني المستوى الفني والمجاملات التي ترافق العملية النقدية.
برامج ثقافية مستنسخة
مازن جميل المناف/ شاعر وكاتب: منذ سنوات والأصوات ترتفع بين حين وآخر في مشهد ثقافي بائس ومترنح لربما يفتقر إلى تحديد الأسس التي يلزم أن تُقدم عليه فكرة المنتديات وتعيين أهدافها ضمن فلسفة موضوعية تعبوية يلزم فيها الطرح والفكرة المواتية ضمن حلقات تعقد من أجل تكريس ثقافة إجتماعية بحتة تعالج وتسهم في نمو الفكر وتطوره ، فأسمحوا لي أن اقول أغلب ما يطرح في المنتديات هي صورة مستنسخة لبعضها البعض من دون وجود تغيير بالمضمون والجوهر عما نسعى ونروم اليه ، فالمنظم والمعد لهكذا برامج ثقافية مستنسخة ما زال في طور البضائعة الكاسدة ، وما زال كل شيء مقتبس بعيد عن الأسس الحقيقية والمفاهيم الثقافية التي تقوم عليها المنتديات ، أذا قيل أن المنهاج السائد فيها مبني على عشوائيات وأفتراضيات معينة ومقيدة لربما وأهمها في رأيي المتواضع اولًا لا وجود لمتلقي وكاتب منتج ينشأ من خلال برنامج تضيف أبجديات أخرى على من سبقونا من معلومات ومهارات ومصطلحات ترسم لنا خطوط عريضة بيانية تسهم في التغيير المجتمعي ، وأعتقد هذه المؤسسات الإجتماعية خالية من الوعي والوفاق مثل البيوت المغلفة الذي لا يدخلها أشعة الشمس ولا تهب في جوها نفحة واحدة من نفحات التغيير ، وها نحن في حيرة من أمرنا في ظل هذه الايديولوجات الناقصة لا ينتج منها غير قتل الوقت ان تبلغ الغايات والأهداف بل أحيانًا نجدها قيود تحول بين المتلقي والكاتب وبين ما يطرح من نقد لا يلبي الأحتياج الفكري والمعرفي ، وكما أسلفت بسؤالكم الموقر وأستطلاعكم الموضوعي تبقى أغلب المتتديات هي شعار للمجاملة او كأسقاط فرض ليس إلا.
خطوة تكامل فكري
رأفت عادل/ روائي : المنتديات عنصر مهم وأساسي في تنمية المنجز الأدبي، وأن أستمرارية إقامة الجلسات الأدبية خطوة مهمه لسد وتسليط الضوء إلى المنجزات الإبداعية حيث تعتبر هي الخطوة الأولى نحو التقدم والنهضة وطريقًا هامًا للتربية والتكامل بل عصب الأمة ولبنة تكوينها الأساسي، وهذه المنتديات والملتقات الثقافية عامة والأدبية خاصة عنصر مهم في الحراك الثقافي للبلد حيث تقام سنويًا أكثر من (٥٠٠) جلسة ما بين جلسة نقدية وأحتفائية، حيث قدمت الكثير من المبدعين وساعدت في إيصال منجزاتهم إلى المهتمين بالشأن الثقافي والباحثين وطلبة الشهادات العليا، في ظل عدم الإهتمام الحقيقي من النقاد والقراء إلى تلك المنجزات وتعتبر أيضاً خطوة وتلاقح فكري من أجل التكامل الحقيقي من خلال التوهج بمعطيات الجلسات وخصوصًا عندما تكون مع شخصيات لها بصمة ولمسة فنية وثقافية وأدبية رائعة في الوسط الثقافي.