قاسم الغراوي/ كاتب / صحفي
قرن من الزمان مر على ضياع التاريخ والامة .. قرن من الزمان مر على العرب وهم يندبون حظهم العاثر ويتراجعون خطوة بعد اخرى للوراء يلتصقون بالتاريخ ويتغنون بامجادهم ..قرن من الانتكاسات والانكسارات والهزائم والنكوص بحثاً عن وجودهم الوهمي بين الامم ..قرن من الزمان على ضفة الضياع والسباحة ضد التيار بافكار جامدة وسلطة تترنح وحياة شعوب تحتضر بحثا عن امل بالحياة، بحثا عن حقنة من الحياة ..قرن من الزمان ومجد الغرب في القمة والعرب في اسفل سافلين بفعل حكامها وملوكها وامراءها ورؤساءها ..قرن من الزمان ماتت فيها غالبية القيم في حياة العرب ولازالت البقية تحتضر على دكة الضياع .. قرن من الزمان ولد الاسلام غريباً وعاش غريباً وسيولد غريباً .. قرن من الزمان في الغرب ولدت الحياة والامل والقيم الانسانية والمهنية، وامست الشعوب في الغرب سادات انفسها وانسانيتها وهي تكتب تاريخها، وتخطوا نحو المستقبل بثقة واطمئنان وترسم حياتها ومستقبل اجيالها وابناءها بحرص ووعي ودراسة .والعرب لازالوا يدرسون تاريخ انتصاراتهم الماضية ، ويلمعون سيوفهم ، وينبلون رماحهم ، ويعلفون خيولهم ويصطادون الطيور ، وفي الحاضر يستعرضون قواتهم واسلحتهم ، حتى صدئت في مخازنهم وبرزوا عضلاتهم على بعضهم ، في الوقت الذي يترددون في مواجهة اعداءهم .ساحات المنازلة في عقر دارهم ، وتضحياتهم شعوبهم فداءً لاحلامهم المريضة ولبقاءهم يضحون بالارض والثروة والمال لاستمرار سلطتهم ، ويخضعون ويتذللون ويتملقون ويلبون امر الطاعة لاسيادهم .ايظنون ان التاريخ يرحمهم او سيمتدحم او يسجل مواقفهم بفخر ، ايتاملون النصر بعد الهزيمة والوضاعة بعد الانكسار ، ايحلمون بالتقدم بعد التخلف والضياع ، اياملون بالبقاء بعد الذلة والخنوع .اطاب لهم المقام في بلادهم وحصلوا على صك المغفرة والرضا لانهم اولياء الامر. ياللعار ياكل بعضكم البعض ويتامر بعضكم على البعض ويقتل بعضكم البعض الاخر باسلحة من صنع اعداءكم ، فكنتم اخلص الموالين لقتلتنا واعداءنا يامن خنتم التاريخ والشعب والاوطان ، وشوهتم حقائق المجد وجلدتم الحياة وذبحتم الاحلام .قرن من الزمان حقق الاعداء كل الخطوات دون تراجع، تسعة وتسعون خطوة والمئة هي صفقة القرن حيث يوزعون بلدانكم غنائماً، ويشتتون شملكم ، ويسيطرون على خيراتكم ، ويقتلون شعوبكم ويوزعون خيرات بعضكم للبعض ، وقد اعلنتم فروض طاعتكم واولها اذعانكم لبيع فلسطين .