عبد الرسول الاسدي
بعد إنتهاء عصر الديكتاتورية في البرازيل رفض الكاتب الكبير كويلو صاحب رواية الخيميائي
أن يعرف إسم المخبر الذي وشى به في السبعينات ليتم إعتقاله وتعذيبه لفترة طويلة قائلا: أن هذا لن يغير من الماضي ..
يستطرد البعض في الحديث عن الماضي وكأنه عماد الحاضر وعنوان المستقبل رغم أنه عمليا ذهب وانتهى وآن الأوان لأن نبدأ من جديد بوعي مغاير وإنسيابية تامة تتعايش مع الواقع الآن ، دون مخاوف من الماضي أو ردود أفعال تشكيكية تجاهه.
الشاعر الإيطالي أدواردو سانغوينيتي قال ذات مرة ( لو ظل الفرنسيون يفكرون بـمجزرة ليلة سان بارثالميو التي وقعت عام 1572)، لما توقفوا عن قتل بعضهم بعضاً حتى الآن) وهنا تكمن خطورة الخوض في التاريخ بتفصيلاته البشعة المؤذية التي قد تقود إلى مزيد من التراجع عن الإتيان بجديد يذكر على صعيد الحاضر .
بعض الأشخاص مازالوا يجترون أحداثا تاريخية دامية ويتخذون مواقف مبنية على تلك الأحداث، رغم أنها وقعت قبل وقت طويل.
لقد خشيت الحكومات التي أعقبت الإطاحة بنظام شاوشيسكو في رومانيا من أن يحصل إقتتال وحرب أهلية إن إطلع الناس على سجلات جهاز الأمن الرهيب (سكيوريتاتا) لأنه انطوى على فضائع كبيرة.
نعم يمكننا أن نستمد العبر ونتعلم الدروس من التاريخ، بل يجب علينا أن نفعل ذلك كي نتجنب الأخطاء التي وقع فيها السابقون، ولكن يجب ألا نخشاه، وألا يكون هاجسا يقض مضاجعنا دائما، وألا نولع بأحداثه ونعتبرها مثالا يحتذى بها لأن هناك الكثير من الأحداث كُتبت بطريقة قد لا تكون دقيقة تماما ولا تنسجم مع الواقع أو أنها حقيقية لكنها لم تعد مفيدة.
المفيد اليوم والنافع هو مالذي سنقدمه للغد وما يجب علينا أن تغيره في واقعنا بدلا عن التباكي على محطات إنتهت ولم يعد بوسعنا أن نفعل شيئا بصددها والقادم دوما هو الأجمل وعسى أن يكون كذلك.