مصعــــب أحمـــــــد
صوت حنين العراق بحشرجات حزن الأمهات وبساطة وحب الجنوب وعذوبة بغداد وعتابة الغربية الحزينة يا امي يا ام الوفا ياطيب من الجنه ياخيمه من طيب ووفا جمعتنا بالحب كلنا ….. خيو بنت الديرة خيو حلوة صغيرة ، خيو يامشيتها خيو مثل الطيرة … سعدون ارض العراق بما يحمل كوكب حمزة من هموم وما يبدع كاظم فندي من تراتيب لمقامات تسلب الفؤاد وطارق الشبلي ومايحمل من طيبة البصرة ، طيور الطايرة لكوكب الرائع ، جتني الصبح وعيونها ذبلانه لكاظم فندي ، صغيرون يا بعد أهلنا ، ثلاث أغنيات لايمكن لأي عراقي أن يستمع اليها بدون أنة وآه وحزن عميق ، صوت سعدون جابر متفرد بنعومته وارتعاشاته التي تحكي ظلم الإقطاع ومعاناة الواقع ، فنان متعدد الإتجاهات ، مع عباس جميل وكريم العراقي أبدع في أغنية يا أمي رغم صعوبة اللحن ، وأبدع في مقامات ناظم الغزالي حين مثل مسلسلاً يحكي عن حياة هذا الفنان الكبير . نشأ في بيئة فقيرة وعمل عاملا في
احدى صيدليات الكسرة وكان معدماً مادياً إلى أن تولاه الله وتخرج معلماً ضمن حدود مدارس مدينة الحرية ، لقد صفقت له الجماهير
العربية كثيراً وخطف بريق الشهرة سريعاً كانت بدايته جميلة جداً ، حيث بدأ الناس يرددون أغنياته في السبعينيات ، وطغى على زملائه الفنانين وذلك لاختياره نقاوة الكلام ودقة اللحن مجسدة بصوته العذب ، ولا ننسى أنه فنان ذكي ذو ثقافة عالية وتواضع ينم عن سيرة فنان ناجح فأصبح يتقدم الركب من بين زملائه ، وأطلق عليه اهل الاختصاص لقب : نهر العراق الثالث والعندليب وسفير الأغنية العراقية لأنه يعتبر جزءاً كبيراً من ذاكرة العراق الحديث صوتاً وغناء وكلمة رصينة ، مازالت أغانيه تنتقل من قمة إلى قمة دون أن تأوي إلى عش محدد.
كيف لا وهو صاحب الصوت المتفرد المشحون بأبهى صور الكلام ونكهات الأطوار الغنائية المتعددة التي يجيد العزف على أوتارها بكل دقة واقتدار ،
صال وجال في خريطة الفن العراقي وامتطى صهوة جواده فكان من أهم فرسان الأغنية العراقية الأصيلة ، فهو الذي انبلجت من صيرورته سنابل مثقلة بالفكر الغنائي المنشود .
حيث قدم مساهمات غنائية في مختلف مجالات وأنواع الأغنية العراقية ، لاشك هو أحد ركائز
الزمن الجميل ، وعلامة مضيئة للتميز والإتقان في سماء الحاضر ، واشراقة من الاشراقات التي تضيء مسارات المستقبل بشعلة الوهج الغنائي ، فهو الذي يتَّكئ على زاد وافر من الثقافة الموسوعية التي ليس لها حد ، ومنهل ثري ، ونبع عذب ، وعاطفة متدفقة بالتدبر والفطنة جعلته يغوص في أذواق المتلقي بسحره الإبداعي ، حصد جوائز عدة من العراق والوطن العربي بعد أن حلقت نجاحاته بعيدا في فضاء الالق ليكون محط أنظار واهتمام لكل المعنيين في هذا الفيض الجمالي المتربع على هرم الوعي ، درس جابر الادب الإنجليزي بجامعة المستنصرية في بغداد، ثم التحق بمعهد الفنون الجميلة حيث درس الموسيقى وفي عام 1986 التحق بجامعة بريطانية، حيث أجرى دراسة للماجستير عن أساليب الغناء العراقي ولا سيما في الجنوب، وبعدها بثلاث سنوات التحق بالمعهد العالي للموسيقى العربية في القاهرة للحصول على درجة الدكتوراه ، بدأ جابر تجربته الفنية خلال ستينيات القرن الماضي في ركن الهواة بالإذاعة العراقية، وتأثر بمجموعة من الفنانين داخل العراق وخارجه، مثل حضيري بوعزيز وداخل حسن، وصولاً إلى ناظم الغزالي أحد أهم مجددي الأغنية العراقية، وكذلك عبد الحليم حافظ على المستوى العربي ، لقد أضاف سعدون جابر للتراث الغنائي العراقي الكثير ، وأُضيف هو أيضاً الى رواد الغناء المجددين ، فصار علماً عالياً حاول البعض انزاله عن ساريته ، لكنه صبر وكابر واستمر بعطائه وحتى الآن لايستطيع أن يترك حزن الهور وليالي دجلة وليل بغداد الذي يصبح اكثر عذوبة بصوته الشجي ، وكل هذه الإشارات والدلائل التي تغرينا في البهجة العارمة عند الوقوف على معالم هذا الاستاذ الكبير صاحب الإرث الثقافي الذي يحرك فينا سوانح الانجذاب والاجتذاب
تجعلنا نفخر به كثيرا ، ونعتز بموروثه الغنائي الذي يسكب عبق شذاه في عقول محبيه ..
وفي الختام لايسعنا الا أن نتمنى لهذه الشخصية الفذة اجمل الامنيات واصدق الدعوات يامن تنحني لكم هامات الاقلام والاقحوان إعجابا وتقديرا