المهندس علي جبار
مختص بأدارة الازمات الاقتصادية
المرحلتين التي مر بها اقتصاد العراق ما قبل عام 2003 وما بعدها أهلكت البناء الاقتصادي وجعلت الاقتصاد العراقي من دون (هوية اقتصادية), وتوجهاته التي تقودها الحكومات المتعاقبة مضطربة ومن دون توجه استيراتيجي واضح بقراءات صحيحة, وكانت عبارة عن ردات فعل غير متزنة تحتكم الى الاسراف في الانفاق (السلبي) بمعدلات هدر عالية وفساد وسرقة اعلى.
أوصل الواقع الاقتصادي لمرحلة عجز الحكومة من إن تساهم بأيرادات الدولة لتمويل (مشاريع الدولة) للبنى التحتية, حل أزمة الطاقة في العراق, ومعدلات البطالة, وكذلك الفقر, وغيرها من الازمات.
حيث شكل الانفاق (التشغيلي /السلبي) من دون عائد اكثر من 80 % كمعدل انفاق لحكومات المتعاقبة منذ عام 2012 لحد الان. لدرحة أصبح الانفاق يفوق عائدات النفط الذي احرج احكومات لامكانية دفع رواتب الموظفين الذي اصبح عبارة عن جيش (بطالة مقنعة) بتوظيف كمي سنوي يكلف الخزينة العراقية أكثر من 53 مليار دولار سنوياً (رواتب فقط) موظفين ضمن مؤسسات الدولة 98% منها غير منتجة في حسابات العوائد لايرادات الدولة.
في ظل هذه المعطيات أصبحت خيارات الدولة في تمويل المشاريع محدودة جداً , وتضطر للاقتراض الداخلي لسد جزء من العجز وتسديد فاتورة الرواتب, والاقتراض الخارجي للمشاريع الخدمية وغيرها.
وعملية الاقتراض في ظل هذا النوع من الحكومات يعتبر مخاطرة كبيرة جداً على مستقبل الاقتصاد العراقي. لعدة عوامل منها:
أهمها نوعية الادارات العليا للحكومات المتعاقبة لازالت لا تصل لدرجة عالية من مستوى الاداء التنظيمي والحكمة في أدارة مؤسسات الدولة الاقتصادية والخدمية وهذا ما يشير اليه تقرير Doing Business الذي يصنف العراق بالمرتبة 172 من اصل 190 دولة في سهولة الاعمال والذي يشير كذلك لسوء الادارة لمرسسات الدولة وفشلها.
يضاف لذلك – تتسم جميع القروض التي اقترضها العراق خارجياً هي قروض (سلبية) بمعنى تزج تخصيصاتها لمشاريع لا عائد مالي او أنتاجي منها. وبهذا تكون خسارة مركبة بتسديد اقساطها وكذلك حجم الفائدة.
نجاح الاستثمارات الاجنبية أو غيرها في العراق مرهون بنوعية الادارات العراقية ضمن جسد الدولة والحكومة العراقية – وهي بحد ذاتها مصدر قلق لكثير من المستثمرين الدوليين .
أما عن حجم الديون الخارجي فهناك تفاوت بين ما تصدره بعض من المؤسسات الرسمية والتقارير الدولية – حيث تشير تقديرات الدين الخارجي للعراق حسب تقرير صندوق النقد الدولي أنه انخفض بشكل كبير ابتداء من عام 2000 الذي كان 122.4 مليار دولار ليصل في عام 2020 بحدود 48.6 مليار دولار وليصل الى 33.1 مليار دولار في عام 2021، ومن ثم وصل الى 23.2 مليار دولار في عام 2022».
تشكل ما يقارب 3.2 مليار دولار هي فاتورة تسديد أقساط القروض الخارجية للعراق حسب قراءات عام 2023.
معظم دول العالم والمؤسسات النقدية تتردد في التعامل مع الحكومات العراقية بموضوع القروض بالاخص بعد نتائج مؤتمر الكويت في عام 2018 تعهدات الدول المانحة في إعادة إعمار العراق المنعقد وصلت إلى نحو 30 مليار دولار، بينما كان يأمل العراق في أن يحصل على تعهدات بنحو 88 مليار دولار حينها.
ولم تصل الى نتيجة اكثر من تعهدات لم تصل الى حيز التطبيق. وذلك لعدة أعتبارات تخوف الحكومات والمؤسسات النقدية من الراهن الخاسر في أقراض العراق ضمن حجم التحديات السياسية والاضطرابات التي يعاني منها ومعدلات الفساد,