عمر سعد سلمان
تعتبر الصناعة الغذائية من اهم الصناعات الموجودة في البلاد واكبرها من حيث رأس المال وعدد المصانع نتيجة للزيادة المستمرة في عدد السكان وتباين احتياجاتهم الغذائية، وتنمو هذه الصناعة بشكل أسرع قياساً ببقية الصناعات الأخرى. وتلعب دوراُ مهماً في تحقيق الموازنة بين العرض والطلب للمواد الغذائية نتيجة حفظ وتصنيع الأغذية من مصادرها الزراعية التي تزيد عن حاجة الاستهلاك في موسم انتاجها الطبيعي للاستفادة منها على مدار العام، كما تقوم معامل الأغذية بتحويل المنتجات الزراعية الى منتجات عالية القيمة مثل انتاج الحلوى من التمور او انتاج الزيوت من البذور الزيتية، وإنتاج العصائر من الفواكه والخضروات.
ومن الجدير بالذكر ان الصناعة الغذائية تحتاج الى عمالة كثيفة مما يعني انها من أكبر مصادر توليد فرص العمل والحد من البطالة، كما تحتاج الى صناعة تكميلية لإكمال تصنيع الغذاء مثل صناعة العبوات، والاستفادة من المخلفات الصناعية في تحويلها الى منتجات عالية القيمة.
تستطيع الصناعة الغذائية جذب رؤوس الأموال من الخارج والداخل خصوصاً مع زيادة ثقة المستهلك بها، لاسيما المصانع التي تتمتع بخبرات وامكانيات كبيرة وتلتزم بمعايير الجودة العالمية، وتملك ادارتها التنفيذية القدرة على استشراف المستقبل. ولا يمكن لهذه الصناعة ان تتطور وتتوسع بدون دعم للبنى التحتية لها من مناطق صناعية وطرق ومواصلات والطاقة الكهربائية والمياه بالإضافة الى الإعفاءات الجمركية على الآلات والخامات الازمة للتصنيع.
وتعاني الصناعة الغذائية العراقية من معوقات عديدة تتمثل بـ نقص الايدي العاملة المدربة والفنيين المهرة، وضعف مختبرات وورش معامل الأغذية في كليات الزراعة والمعاهد والمدارس الزراعية المنتشرة في عموم العراق. كما تعاني من عدم توفر المواد الزراعية الخام بالكمية المناسبة والمواصفات المطلوبة لتحقيق المواصفات القياسية في التصنيع. ولا تمتلك كذلك وسائل التبريد المطلوبة اثناء النقل والتخزين. والأهم من ذلك هو عدم وجود مدراء ماليين يمتلكون الخبرة في هذا المجال الصناعي واستيعاب المشاكل المتعلقة بالتسويق والتنبؤ بالأسعار في سوق شديدة التقلب. كما ان الحاجة الى استثمارات ضخمة في مجال التقنيات الصناعية المتعلقة بالغذاء أبرز معوقات المصانع خصوصاً المتوسطة والصغيرة.
كما ان العراق يقع ضمن محيط دول مهتمة بالصناعات الغذائية (تركيا والسعودية وايران والأردن وسورية) مما يضع الصناعة العراقية امام تحدي كبير يتمثل بضرورة تخصيص مبالغ كبيرة للتسويق والاستحواذ على السوق العراقي لانتزاع هيمنة مصانع تلك الدول.
وتحتاج الصناعة الغذائية العراقية الى توفير المواد الزراعية الخام عن طريق قيام وزارة الزراعة بإرشاد المنتجين بالأصناف المطلوب زراعتها وطريقة الزراعة، وإدخال تقنية التبريد السريع للحقل حتى يتم الحصاد في مرحلة معينة ثم التعبئة بعبوات خاصة تحافظ على المنتج، بالإضافة الى التداول السليم لضمان وصول خام جيد للمصنع، وبالتالي الحصول على منتج عالي الجودة يقابله مردود اقتصادي عالي للمزارعين، وكذلك خفض الفائض من الإنتاج النباتي والحيواني.