عبد الرسول الاسدي
حين قال عملاق الصحافة الراحل محمد حسنين هيكل أن محاولة الفهم ليس معناها السقوط في مهاوي التبرير فقد كشف لنا الطريق صوب جادة التناغم مع الذات من أجل إنتاج صحافة واعية وقادرة على تقديم المنجزات التي نبحث عنها ونحتكم اليها إنطلاقا من بوابة المهنية .
وكما تقول إحدى الكاتبات العربيات فليس من السهل أن يتحدث الإنسان عن مهنته، فهو وإن حاول الإختصار، سيسهب في رواية تفاصيلها، ومنح الإنطباع الكامل عنها، وعن كل ما فيها من إيجابيات وسلبيات وفرص وتحديات وغيرها العشرات من الأمور.
فما يميز الصحفي عن سواه هو أنه يتغذى بالصحافة فتتشرب في عروقه وتصبح ليس كسائر المهن الأخرى لأنه يعمل على مدار الساعة وهو مستمتع بما يقوم به، ولا يعرف معنى الإجازة التي يعيشها الآخرون، حيث لا ينفصل عن عمله حتى خلال إجازته.
نحن نعيش في دوامة الشغل الشاغل في الإعلام والصحافة وعلى مدار الساعة بل اللحظة ، فإذا ما حصل شيء في البلاد ولم يكن لدينا رأي أو وجهة نظر فسنصبح في دائرة الإنتقاد حتى من قبل أنفسنا .
أتذكر اني كنت ذات يوم قد إنشغلت لبعض الوقت في مناسبة حزينة لدى بعض الأقارب وكان من الصعب أن اتواصل مع أحداث العالم من حولي فرن هاتفي وإذا بسائل يسأل عن الموضوع الكذائي الذي حصل قبل ربع ساعة وماهي وجهة نظرنا بشأنه بإعتبار أن المتصل كان لديه لقاء تلفازي ويحتاج لجمع الآراء بخصوص الحدث المعين .إضطررت حينها أن أعتزل الناس وأبحث عن آخر الأخبار لأن الناس لا يمكن أن تعفيك من مهمة الإجابة عن اي سؤال والإدلاء برأيك في أي شان محلي أو اقليمي أو دولي.
الصحفي دائماً ما يضع مصلحته الشخصية في آخر الإعتبارات، أو لا يقيم لها وزناً من الأساس.. فهو يبحث عن المصلحة العامة سواء لوطنه أو لمجتمعه أو غيرها العشرات من الإعتبارات الأخلاقية والمهنية والوطنية والدينية وغيرها.
في إمتحان الشرق تعلمنا أن نصنع الفرح مما ننتجه من أخبار وتحقيقات وننشره من تغطيات لشتى الشؤون التي تدخل في صميم عملنا بل في شغفنا .
المهنة حين تتحول الى شغف كبير يصبح من الصعب وغير الممكن أن ندعي انها مجرد مهنة لأننا جزء من العمل وهو هويتنا وهوايتنا وكل شيء نملكه .