عبد الرسول الاسدي
لعل أصدق ما يمكن أن يقال عن مسيرة الشرق هو ذلك الذي نطق به ماركيز وهو يشير الى الإنسانية بأنها : (كالجيوش في المعركة , تقدمها مرتبط بسرعة ابطأ أفرادها) فلا يمكن إدعاء الإنسانية وأنت تنسى أفرادا أو أفكارا مبعثرة في الطريق وتمضي قدما لأن هذا مدعاة للخلل في المسيرة وإضطراب في الرؤية.
والشرق منذ لحظة إنطلاقتها الأولى آلت على نفسها ان تضع نصب الأعين مصفوفة أخلاقية متكاملة تغترف منها ذلك الوئام المستمر مع من حولها وتستديم إيقاع كورال أفكارها من أولئك الذين يؤمنون بمنهج الإنسانية المستدام .
وكلنا في البداية شعرنا بتلك النشوة التي تعترينا ونحن نخوض غمار التوأمة الروحية بين بعضنا والبعض الآخر وبين المشروع فكرة ومسيرة وخطوات . لكن الأيام كانت كفيلة بترسيخ الوعي أكثر من ذي قبل والشروع في تفاصيل أكثر دقة وأعمق في نواحي تركيز الفاعل الإنساني ليكون رديفا للمهنية والصدق والعملية في خطواتنا .
ولا نريد أن نستعرض الكم الكبير من المواقف التي تشاركنا فيها مع الزملاء والأصدقاء متعة الموقف الموحد ، لكن الأهم من ذلك اننا نخرج دوما وثمة حاجة وطيدة لمزيد من العطاء والرغبة في الإستمرار الى الأمام بلا تراجع .
الشرق ليست كغيرها من المشاريع التي تكون فيها حسابات الربح والخسارة حاضرة بل ولادة حية يقظة لمشروع ضمير ونبتة أخلاق حميدة تتكسر عندها التحديات وتخفت الأصوات المعرقلة ولأنها كذلك فهي تمضي في مشوار الألف ميل بحيوية وتجدد وتدفق مهيب صوب العلياء.
نقف اليوم عند أعتاب ولادة جديدة لا مجال فيها للتراجع ولا وقت سوى لتكرار ذات الهمة العالية والرغبة المستدامة في أن نكون عند حسن ظن أنفسنا بنا لأن الشرق خلقت من طينة النفوس الطيبة التي لا تعرف سوى زراعة الحب والتفاؤل في كل جهات العالم .