حوار / عمار العبودي
** بدأت العلاقات العراقية – الفلسطينية رسميا باعتراف العراق بمنظمة التحرير عام 1964، ومن ثم دولة فلسطين المُعلنة بالجزائر عام 1988 على حدود الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث توجد سفارة وقنصلية فلسطينية في كل من بغداد وأربيل،
إلاّ أن علاقة الجانبين تاريخيًا تعود إلى عدة عقود قبل إعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988، حيث بدأ التواجد الفلسطيني في العراق منذ حرب 1948 أو نكبة فلسطين، وهجرة عدة الآف من الفلسطينيين مع مركبات الجيش العراقي العائد من فلسطين إلى العراق، وإسكانهم بالعراق بأمر من الملكة عالية ( زوجة الملك غازي )، وتتميز العلاقات العراقية _ الفلسطينية بانها قوية ومتماسكة وداعمة للقضية الفلسطينية … وللحديث عن القضية الفلسطينية ومراحل المفاوضات وطبيعة العلاقات العراقية _ الفلسطينية ودور العراق الداعم والساند للقضية الفلسطينية وكذلك دور المرجعية الدينية في النجف الاشرف في هذه القضية كان لنا هذا الحوار مع السفير الفلسطيني لدى العراق احمد عقل **
* بودنا تقديم موجز عن القضية الفلسطينية… الى اين وصلت وماهي مراحل المفاوضات؟
_ بداية لا يوجد حالياً أي نوع من أنواع المفاوضات السياسية مع الجانب الإسرائيلي الذي يحاول ان يتملص مما تم الاتفاق عليه في اتفاقية أوسلو في ظل التحول اليميني في المجتمع الإسرائيلي والذي انتج حكومات متطرفة وفاشية وارهابية تريد الاستيلاء على ارض فلسطين التاريخية كلها.
اما القضية الفلسطينية فأنها القضية الأساسية للامة العربية والإسلامية والشرق الأوسط برمته باعتبار دولة الكيان الصهيوني تمثل أكبر قاعدة عسكرية غربية في قلب العالمين العربي والإسلامي مهمتها ضرب أي إمكانية لتقدم دولنا ووحدتها وبناء نموذجها الحضاري.
* كيف تقيمون دعم واسناد المرجعية الدينية في النجف الاشرف وعلى راسها السيد علي السيستاني في دعم واسناد القضية الفلسطينية لا سيما انكم قلتم عنه انه وحد المواقف العراقية اتجاه القضية الفلسطينية؟
_ لا شك ان للمرجع الأعلى سماحة السيد علي السيستاني دوراً ووزناً بالغي الأهمية في توحيد الموقف العراقي الداعم للقضية الفلسطينية والمطالب برفع المظلومية عنه. وقد كان لموقف سماحته خلال استقباله لبابا الفاتيكان في النجف الاشرف بوجوب رفع المظلومية عن الشعب الفلسطيني وانهاء الاحتلال وقعاً مفرحاً وكبيراً لدى الشعب والقيادة الفلسطينية.
وغني عن التعريف ان مواقف جميع المراجع الدينية الكبار كانت دائماً مؤيدة ومساندة للشعب الفلسطيني لتحرير ارضه والتخلص من الاحتلال الصهيوني.
* كانت لكم لقاءات عديدة مع مسؤولين عراقيين على المستوى الحكومي والحزبي…. كيف تقيمون هذه اللقاءات؟
_ باختصار وامانة أقول ان العراق كله رسمياً وحزبياً وشعبياً متوحد على دعم فلسطين ويقف الى جانب شعبها وقيادتها لتحقيق أهدافه، والاستقلال، وتحرير الأرض، والمقدسات.
هذا هو موقف العراق الشقيق من أقصاه الى أقصاه
.*:في تصريح سابق لكم قلتم ان فلسطين تحررت (4) مرات بمشاركة قوات عراقية، هل هذا دليل على العمق العربي للعراق اتجاه القضايا العربية؟
_ ان العلاقة بين العراق وفلسطين تمتد لما يزيد على (10) عشرة الاف سنة منذ التحول الأول للبشرية من الصيد الى الزراعة، ومن ثم تعمدت هذه العلاقة برحلة التوحيد لسيدنا إبراهيم عليه السلام التي انطلقت من اور العراق وانتهت بمدينة خليل الرحمن في فلسطين.
اما العمق العربي للعراق الشقيق فهو العمق الطبيعي له، فقد صبغت هجرت القبائل العربية من اليمن والجزيرة العربية التي تواصلت الاف السنين العراق ومعظم الشرق الأوسط بالدم العربي وأجرت غسيل دم شبة كامل للمنطقة التي نسميها الان المنطقة او الامة العربية، ووحدت فيها الدم واللغة والتاريخ والدين والمصير المشترك اضافة للثقافة والعادات والتقاليد. ولذلك قلنا ان العمق العربي للعراق هو بيئته وعمقه الطبيعي.
اما كيف تحررت فلسطين أربع مرات على يد قوات قادمة من الشرق (الرافدين)؟ فمع نشوء الحضارات الكبرى والأولى في العراق، امتد تأثير هذه الحضارات وتفاعلها في بيئتها المحيطة الى فلسطين وبلاد الشام باعتبارها البيئة الطبيعية لحضارات العراق، وبالتالي قامت هذه الحضارات بإزالة ما كان يتم من عدوان واحتلال وتمرد في هذه البيئة فكان السبي الاشوري ومن ثم البابلي الأول والبابلي الثاني لبني إسرائيل + الذين عاثوا فساداً وعدواناً على كنعانيين فلسطين العرب، ومن ثم قام صلاح الدين بتحرير فلسطين من الصليبيين بعد ان وحد قوات العراق وبلاد الشام مصر.
ولا ولن ننسى دور العراق وجيشه البطل في حرب 1948وتحريره لمدينة ومحافظة جنين من الصهاينة ودوره المشرف في حرب 1973.
* وصفتم الديبلوماسية في العراق بانها مميزيه وفاعلة… كيف ذلك؟
_ غني عن التعريف ان العراق هو بلد تنوع كبير وجميل من الطوائف، والقوميات، والأقليات، والمشارب. وبه طيف حزبي واسع جداً.
لذلك وجب على العاملين بالسلك الديبلوماسي العربي والاجنبي في العراق توسيع ديبلوماسيتهم العامة او الشعبية لخلق تواصل انساني وثقافي وسياسي وقومي مع هذا الطيف العراقي الواسع وتوطيد العلاقة الشعبية إضافة الى الرسمية بين بلدانهم وبين العراق، وحجم الديبلوماسية الشعبية المطلوبة في العراق هي اهم مميزات العمل الديبلوماسي فيه.
* بعض الدول العربية أعلنت التطبيع مع إسرائيل… كيف وجدتم ذلك؟
_ للأسف الشديد وصل الوضع العربي في العقدين الأخيرين الى حالة من التردي والضعف، وأصبحت الدولة العربية ساحة مستباحة من القوى العالمية والإقليمية نتج عنها ما اسموه (بالربيع العربي) او الفوضى الخلاقة بهدف تفتيت المفتت وخلق صراعات وحروب أهلية داخلية عصفت بمعظم دولنا العربية، وجاءت ما تسمى بصفقة القرن التي رعاها ترامب واليمين الإنجيلي المحافظ الأمريكي ليكون بمثابة وعد بلفور جديد لهيمنة دولة الكيان الصهيوني على الشرق الأوسط للمحافظة على النفوذ والمصالح الامريكية لخمسين او مائة عام قادمة.
في ظل هذا الضعف والانهيار العربي وتحت مطرقة الضغوط الامريكية الهائلة خضعت بعض الدول العربية وطبعت مع الكيان الصهيوني، ونقدر انه لن يمر وقتاً طويلاً حتى تكتشف هذه الدول المطبعة كم كانت مخطئة في توجهها هذا، وكم ستزيد المخاطر على دولها وتتصاعد الصراعات الداخلية فيها.
* بعد كل هذه الهجمات والتحديات ضد العراق…. كيف وجدتم العراق؟
_بداية اود ان اشير الى اننا لدينا ايمان راسخ بوحدة وقوة وصلابة العراق والشعب العراقي، فهو حسب ما عايشناه من اكثر الشعوب قدرة على الصمود والتحدي. وما انتصاره على الحرب الكونية التي شنت عليه عبر الزرقاوي والقاعدة وداعش والطائفية ومحاولات تقسم العراق الا مثالاً ناصعاً على قدرة العراق على الصمود والانتصار.
بتقديرنا انه لو استتب الهدوء والاستقرار والامن والأمان بظل قيادة حكيمة لأصبح اقتصاد العراق من الاقتصاديات العالمية الكبرى بغضون عشر سنوات.
* بماذا تصفون العلاقات العراقية _الفلسطينية؟
_ العلاقات الفلسطينية – العراقية قوية وتاريخية لن تستطيع أي قوة من دق إسفين فيها، فهي كناية عن تمازج تاريخي وبشري، وثقافي، وديني، وقومي. وكما قلت في بداية لقائي هذا ان فلسطين هي محل اجماع لدى كل الطيف العراقي الواسع والمتنوع. نأمل تعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين والتنسيق المشترك في عملها السياسي والديبلوماسية لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.
* هل من كلمة أخيرة؟
اننا نرى ان العراق سائراً في طريق إعادة البناء على كل الصعد، وقد مر من عنق الزجاجة التي ارادوها ان تبقى لثلاثين سنة قادمة وهو الان بتقديرنا على أبواب تغيير كبير يعيد للعراق تقدمه ورفعته وسيادته ورغد العيش لشعبه العظيم.