فوزية ضيف الله
مأدبة المسرح هي قصة حب تتراوح بين عزف على إيقاع الروح ونبض جارف قاد اللحم نحو ارتجافة ايروسية..وبينهما طرز الفيلسوف وشاحا من الايدوسات قسمه دون أن يتجزأ على وجود بين عالمين..غزا الفيلسوف بواطن الحب جدلا صاعدا الى السماء، ينسى اللحم النابض..باحثا عن حب يتمسرح فيه الحب…روحا خالدة في حضرة الالهة..لكنه تجرع السم حبا في فكر يفتح المجال لمسرح الأرواح..مأدبة الحب الممسرح..خلطة عجيبة من الاعشاب..تنتشي..وتدفعك الى الانجراف حبا في السماء، تجعلك معتنقا ديونيزوس …لحما ودما..لكنك تشرب مع ابولون نخب موتك..
ليست المادة احتفالا بالحب على جهة اعتناقه فقط بل على جهة قتله جسدا انهكه وجود مسرح موازي هو مسرح السفسطاءي…كيف ينجو الحب من قبضة الوهم..كيف ينجو مسرح اللحم من مسرح البلاغة الواهية؟؟؟
ان محاورات أفلاطون، هي دروس شفوية سقراطية، بثت فيها روح المسرح العاشق..نظمها على شكل رسم بصري، شعر نثري، حوار بين شخوص لباسها متبدل تبدل افكارها، اخرجها افلاطون..وجعلها تتنفس داخل الورق المكتوب..جعلها مكسوة بالفكر الممسرح..متحركة..قدت من علم، ومن مواراة ومن تهكم. مراوحة بين حب اللفظ وحب المعنى..رتلها سياسي مقنع..اتقن التخفي وراء الستار، يحرك الدمى بدهاء كبير.
ليست ايذانا بمدينة عادلة فقط، ولكنها مدينة الحب الايروسي ، قد يترفع عن الغرائز والشهوات لكنه يحول منطقة تواجدها داخل الفكر المعشنق..
وما عشق الحقيقة الا عشق للعراء..عشق للجلاء، يحول مسكن الحب، يغير مجرى طريقه بكل دهاء. لكن نيتشه اكتشف مسار المادبة فجعلها تطفو على السطح في شكلها الواضح.
لا يمكن للفكرة ان يفكر في غياب حبه لمادبة الفكر، ولا يمكن للمسرح ان يكون حيا في غياب مسرحة الروح والجسد. ان الايروس هو الاب المنسل للفعل المسرحي ان الغرائز هي ولادة للمعاني، تحول مسار المعنى من ضبابية التحسس الى صدق الإحساس..
يتقطر الممثل لحما ودما على الركح، حبا للدور الذي يعيشه فعلا، لا على جهة التقمص بل على جهة التوجد الحقاني..لذلك ينجح في جعل المادبة المسرحية حية نابضة،تعج بالحب والحياة…