عبد الرسول الاسدي
آخر الحكاية …مرارة في القلب وحرقة في الضمير وشكوى من القادم المر …هي حكاية الأهوار التي تختال لتأسر العابرين على إيقاع حركة الزوارق مع أصوات تترنم جمالا وفطرة وعذوبة.
في تلك المضائف الجنوبية التي تصطف على حافات الماء والقصب تتشكل أسطورة الخلق الأولى يوم كان انكيدو بطل ملحمة الخلود الأولى وحين كان كلكامش يضع أولى حروف تشكيل المعمورة .
من ذلك القصب كانت الكتابة والناي والمساكن والحرف وعشق الإنسان والطبيعة لكل شيء جميل تهتز أوتاره فيضج العالم بالهتاف وتبتسم أفياء الحكايات المقمرة .أطفال الأهوار تجتذبهم المياه فيتعلمون السباحة قبل أن يعرفون الركض في ماراثون مسامرة غامر لأحجيات الماء والطين والأزمنة التي تركض نحو اللا نهاية .
هو عالم يختزل الحياة بالفطرة، وسحر المفردة السومرية والأكدية والآرامية ،بتوهج العواطف وولادة الربيع مع الأطلالة الأولى لنقيق الضفادع،وتفتح زنابق الماء،وأخضرار القصب.عالم تتجاذبه فنطازيا الأسطورة، وحكايا الجن، وقصص الموروث والخليقة الأولى بكثير من الأهتمام والتفاصيل وروح المغامرة.
يفترشون الحشائش في أيام الربيع حيث تلهو طيور الماء ويتحول الفراش الأخضر من حولهم الى لوحة فردوسية الحياة ودائمة النقاء وكثيرة التوهج .
هي أرض الحضارة ويشان البداية وأساطير البقاء باتت تحتضر اليوم وربما تيبس بعضها وهي تنتظر من ينقذها من هلع الخراب الذي بات يوشك أن يقتل كل شيء حي بلا هوادة .
أنقذوا الأهوار فهي ليست إرثنا بل أنفاسنا التي تشهق وحكاياتنا العتيقة وعناوين اسفارنا الهاربة وحكايات الألق الإنساني الجميل . أنقذوا رئة الجنوب وشريان الوطن وإبتسامة الإنسانية من حاضرها الأليم .
أنقذوا الفردوس من جحيم الجفاف .