عبد الرسول الاسدي
( أشتاق لأبي؛ ولرؤية بريق عينيه الذي اختطف منها نظره وهو يبكي حزناً وكمداً، أشتاق لتربة أمي؛ أن أقف على قبرها معتذرا على عمر أمضته جالسة على عتبة الدار، ومع كل حركة تنادي إسمي على أمل أن أكون أنا، أشتاق لإخوتي وأخواتي ولأبنائهم الذين لا أعرف عنهم سوى الإسم والصورة)
هذه الكلمات مستلة من رسالة سابقة لعميد أسرى جنين رائد السعدي الذي إعتقله الإحتلال منذ عام 1987 وقد أمضى 36 عاما في سجون الإحتلال قبل تحريره بتبادل المحتجزين والأسرى بعد طوفان الأقصى .
مثل رائد هناك عشرات الأسرى من أصحاب المحكوميات العالية الذين كان تحريرهم ضربا من المستحيل لأن العدو يرفض اقران تحريرهم بأية صفقة وكان يقتصر على تحرير أسرة الإعتقال الإداري فقط .
رائد السعدي كتب في السجن رواية ( أمي مريم الفلسطينية ) التي إختصرت معاناته بفقد الأم والشقيق ومرض الأب وهم ينتظرون عودته بلا طائل وماكان ليعود لولا صمود المقاومين وتضحيات المحور المقاوم وتضحيات الغزيين .
كم من أمثال رائد ينتظرون طوفانا جديدا لتحريرهم من براثن الإحتلال الصهيوني البغيض الذي طال أمده !
نعم إنتصر الغزيون في مسيرة عودتهم الى الديار وإطلاق أسرى مر على إعتقالهم عشرات الأعوام وإنتصرت إرادة أصحاب الأرض والقرار والقضية رغم ضريبة الدم والجوع والحرمان والألم .
انه بإختصار درس الإنسانية الكبير وعنوان لافت من عناوين الزهو والظفر يصنعه شعب عاصر الويلات فإستطاع الخروج منها بأقل الخسارات في أعتى مواجهة مع نظام جائر مستبد وظالم .
انه عصر الشعوب التي تصنع مصيرها وستغير ملامح الشرق الأوسط والعالم الى رؤية جديدة معاصرة وواعية وطموحة رغم أنوف المحتلين والمستكبرين .