كريم هاشم العبودي
عند الحديث عن انقياء العراق .. فإن اللسان يعجز عن التعبير والعقل يتوقف عن التفكير، العراق كلمة كبيرة عندما نسمعها تشتعل قلوبنا بالمحبة وتدمع عيوننا الحائرة فرحا وحزنا وتتوقف ألسنتنا عن الكلام مثل شخص محب يريد أن يبوح لحبيبته بكلمة أحبك ، وحين تتحول الكلمات لدموع وآهات وأنين يملأ الحزن القلوب وتضيق الصدور ، وحين يبكي الاعلامي الكبير والمتعدد المواهب ..والابن البار للعراق .. ولمدينته .. مدينة البرتقال ديالى الحبيبة .. سعدون شفيق سعيد .. في حضرة جريدته التي عشقها كعشق .. البذرة الوليدة .. للماء الرقراق .. يكون الشرف أعمق وأشد .. وهل بعد الشرف .. من حب .. بكينا معه .. ولم يتحمل ربان سفينة الشرق .. الاستاذ عبد الرسول زيارة الاسدي دموع رفيق دربه سعدون شفيق حين احتضنه .. وجفف دموعه التي تحكي قصة عشق عراقية قل نظيرها .. لهذا القدير الذي دخل التلفزيون العراقي منذ افتتاحه في العام 1956 .. حينما كان التلفزيون الرسمي يسمى ب ( البنكلة ) .. يوم كان البث على الهواء الهواء مباشرة .. بعدها انيطت به مهام ادارة الاذاعة الداخلية لدار المعلمين في بعقوبة كمذيع اول في فترة الخمسينات من القرن الماضي ..

ذكريات لا تمحيها الازمنة
القدير سعدون شفيق .. وجدنا في دفتر مذكراته .. وأجمل ايام حياته .. صفحات خالدة .. ما زال يحتفظ بها .. انها رحلة حياة .. لرجل نذر سنوات عمره لخدمة بلده .. بكل تفان .. ووفاء .. في زمن ضاع فيه الشرف والوفاء عند البعض ..
تقول الصفحة 33 .. من دفتر مذكراته : عملت في اذاعة جمهورية العراق .. لاكون برفقتها .. حيث اتذكر الاعمال التي شاركت بها في المناسبات الوطنية .. والتاريخية .. والدينية والاجتماعية ..

قصة ( عدالة المستعمر ) !!
اما الصفحة ( 88 ) .. علمنا بأن سعدون شفيق لا ينسى بانه اعتلى خشبة المسرح لاول مرة في العام 1956 .. وكان اول عمل له ( عدالة المستعمر) .. الذي يتحدث عن بلد المليون شهيد .. الجزائر .. وجميلة بوحيرد .. الذي كان من تأليفه وتمثيله .. وأخراجه ..

قطار الساعة 7
يسترجع سعدون شفيق .. شريط حياته في دفتر مذكراته ليقول بانه يعتز بانه شارك في العام 1962 في بطولة الفلم العراقي ( قطار الساعة 7 ) .. بدور ( العربنجي ) الى جانب سعدي يونس .. ومكي البدري .. وكريم عواد ونخبة من فنانين ديالى حسين ناصر .. طارق عبد الكريم .. علي شفيق .. فضلا الى قيامه بمهام مساعد للمخرج حكمت لبيب اواديس ..
وسعدون لديه مشروعا لفيلم سينمائي .. ثقافي عنوانه ( رحلة نهر ديالى الخالد ) .. لكنه ينتظر الجهة التي تقوم بانتاجه ..

تأريخ مشرف
ويعتز سعدون شفيق بصورته الفوتوغرافية والتي اهداها الى مؤسسة الشرق للصحافة والاعلام .. والتي تظهر خلف استاذ رسول زيارة مع القدير سعدون شفيق .. وعنوانها ( رفقا ايتها الشمس ) التي صورها في العام 1975 .. والتي فازت بالمرتبة الاولى في مهرجان برلين الدولي .. ويعتز ايضا باختيار نماذج من صوره الفوتوغرافية في المتاحف .. والتقاويم السنوية .. والكتب المدرسية .. والصحف والمجلات العراقية والعربية والاجنبية .. فضلا الى الطوابع البريدية .. وسعدون شعاره في فن التصوير :
( اقتناص اللحظة الهاربة من الزمن ) ..

محطة سعدون الشعرية
احب الشعر مذ كان في مقتبل عمره .. كبر .. سعدون .. وكبرت معه ( نزوة الشعر ) .. وجدنا في دفتر مذكراته هذه القصيدة الحالمة .. الرومانسية .. والتي اخبرنا بانه القاها في ( مهرجان تامرا ) الذي اقامه اتحاد ادباء وكتاب ديالى في العام 2018.. والتي تقول :
ايتها التي احب
حين تاتين
اصحو شلالا من ضوئك
وتصبح ساعات عمري
مرهونة
مسكونة بك !!
واه .. ثم اه من ذلك الصمت الاتي
من صوتك ..
واه .. اه .. حين ترحلين في قوافل البعد
وعندها .. عندها فقط اشد الرحال لقربك !!
لكنها الصحراء .. لم تزل بيننا ..
تعانق زهر الشوك .. في صبري .. وصبرك ..
وتشرق في ليلها البارد مواكب نجم ..
قد ..
قد تومض .. في ليلي .. وليلك ..
وأخيرا .. ثم أخيرا ..
احبك جدا .. فلا تقلقي ..
يا حبيبة .. العمر الضائع .. !!
وبألم بالغ يصف سعدون شفيق سعيد قصة حبه لبلده .. بهذه الكلمات المعبرة : الشوق والحنان إلى عراقنا يزداد لهيباً .. لا يبرده أي لقاء وإذا بحثت عن السكن وجدت العراق مكاناً للسكينة والراحة . وإذا وقفت عند الانتماء، وجدت انتمائي إلى ألعراق تجاوز الشعارات .. فلك كل ليلة قبل ألنوم دعاء و دمعة وحسرة، دعاء ان يحفظ الله شعبك و يفرج الله عنك .. وحسرة تمزقت أوتار روحي على كل بناء دمره الارهاب .. وها هي دعوات انقياء العراق .. بكل طوائفهم .. ان يحفظ عراقنا الحبيب .. من كل سوء ومكروه ..

الاب والمعلم الروحي
وهنا يصف الاعلامي القدير حامد المجمعي .. الاعلامي القدير الاستاذ سعدون شفيق سعيد .. فتراه يقول : عندما تقف امام معلمك الأول في تاريخ الكتابة الاولى تشعر انك امام اب روحي كبير تعلمت منه ما جادت به نفسه المحبة في تعليمك..اذاعي كبير وكاتب شمولي يخوض في كل شيء له أحد عشر مؤلف وجوائز عديدة في مجال العمل الإذاعي والتأليف والتمثيل والمسرح والتصوير والثقافة المتعددة تاريخ إذاعي ابتدأ مع أشهر الأسماء اللامعة كتب في التاريخ الإسلامي وتاريخ نبوخذ نصر وآشور فاستحق تكريم القاهرة مع المع نجوم الفن سامي عبد الحميد وقاسم محمد وسامي قفطان وشذى سالم.. مثل له العديد من الممثلين العرب ابرزهم محسنة توفيق وغيرها من الممثلين العرب.. كتب الآلاف من المقالات والمسلسلات الإذاعية الجميلة التي كانت تبث عبر اثير اذاعة صوت الجماهير والعراق..المعلم الذي فاجئني في احد الايام .. وناقشني في مشروع كتابة ( الاهوار جنة الله في الأرض ) ولا اعرف هل كان يختبرني ليجدني اشرح دون وعي تاريخ الاهَوار ببساطة الوقفة واقول له هل ذكرت في كتابك كذا وذكرت كذا وهو يرد نعم اصبحت موسوعة يا حامد فاقول له أنا امام معلم اعترف له بالعمل لكني احببت ديالي وتاريخها والعراق وتاريخه الجميل القراءة هي من تعلمنا منها الكثير. ومازلت اتعلم الكثير منك يا سيدي. يبتسم بروح الفخر بتلميذه الذي يعتز بهكذا قامة أدبية ثقافية لها من الابداع ما يجعل الكثير ان يفخر به ولم قدمه لبلده العراق ومحافظته العزيزة ديالى ..

قصتي مع الجواهري
كانت لسعدون شفيق ذكريات .. ومشاكسات بريئة يوم كان شابا يافعا .. مع شاعر العراق الاكبر محمد مهدي الجواهري ..اذ قال : التقيت الجواهري عند مطبعة في شارع المتنبي .. وتحديدا في محلة جديد حسن باشا .. كي ينشر لي احدى قصائدي المهداة الى اخي سعيد المقيم في مقاطعة درهام في انكلترا .. وبعد ان قرأ القصيدة القصيدة .. سألني : كم عمرك ؟ حينها كان عمري ستة عشر عاما .. كون مواليدي في العام 1940 .. وكان اللقاء في العام 1956 .. وبعد ان استحسن القصيدة .. اهداني كراسة صغيرة عنوانها ( كيف تتعلم كتابة الاملاء .. وقبل ان ينالني الاحباط في كتابة الشعر .. قال لي : هذا الكراس ألجأ اليه حين تكتب أي قصيدة .. لانني رأيت عندك الموهبة الشعرية .. أهديت لك هذا الكراس اليك .. كي تلجأ اليه مستقبلا .. ليوجهك الوجهة الصحيحة .. !!
ويضيف شفيق : وعند عام 1959.. التقيت الجواهري في نقابة الصحفيين العراقيين .. فرحب بي قائلا : لقد نشرت قصيدتك المهداة الى أخيك سعيد المقيم في انكلترا في صحيفة ( صوت الاحرار ) .. هل قرأتها ؟ فأجبته بنعم .. ومن يومها تواصلت في كتابة دواويني .. والتي أصدرتها في كتابي ( المجموعة الشعرية للشاعر سعدون شفيق سعيد ) ..
ويتابع شفيق : وبالجدير بالاشارة .. بانني خلال زيارتي له في العام 1959 .. اشار الى ذات الكراس لتعلم الاملاء .. قائلا لي : هذا الكراس لا يمكنني الاستغناء عنه ..
رحم الله شاعرنا الكبير الجواهري .. والعمر المديد لاستاذنا القدير .. الكاتب والموسوعي الكبير .. سعدون شفيق سعيد .. ربي يحفظه وينعم عليه بالصحة والعافية .. وطول العمر ..

موسوعة عراقية كبيرة
اما الاعلامي القديرعبد الستار الجودة / مدير المركز الثقافي في شارع المتنبي واحد مؤسيسه مع رفيق دربه القدير .. هاشم طراد .. فقد عبر عن تقديره الكبير للاستاذ سعدون شفيق .. وابدي اعجابه وتقديره لما يمتلكه من معلومات .. تراثية .. وسياسية .. وفنية .. ووصفه بالموسوعة .. العراقية .. مخاطبا الدولة العراقية بالاهتمام بهكذا قامات عراقية .. من خلال مد يد العون لهم .. وتوفير وسائل الراحة لهم .. لانهم يمثلون هوية العراق الخالدة .. الخالية من شوائب .. زمننا الخائب هذا !!
وعبر الجودة عن شكره وتقديره للاستاذ عبد الرسول زيارة الاسدي / رئيس مؤسسة الشرق للصحافة والاعلام .. على احتضانه للطاقات الشابة .. ودعمه اللا محدود للمركز الثقافي العراقي في شارع المتنبي .. داعيا كافة وسائل الاعلام الاقتداء بتجربة مؤسسة الشرق للصحافة والاعلام .. خدمة لعراقنا الحبيب ..