كريم هاشم العبودي
لماذا هاتفك صامت ؟ ولماذا هذه الاناقة ؟ وما هذا العطر الجديد ؟ ولماذا ذهبت .. لاهلك من دون علمي ؟!! .. من زارك اليوم في غيابي؟ ولماذا وكيف واين؟ هي بالتاكيد .. ليست الاستفهامات الصحفية الستة في تحرير الاخبار ، إنما هي طوق من الاسئلة ( الهدامة ) التي يختلقها بها بعض الازواج شركاء حياتهم، وتذكي نار الشك والريبة بينهم، فتكون الصورة بائسة في جوانب المعيشة وسط معاناة مستمرة، ربما تنتهي بمرض أو انفصال، ولكن ماذا لو لم يتوقف الامر عند طرح الاسئلة فقط، حينما يلجأ احد الزوجين الى البحث والتفتيش في المتعلقات الشخصية، فيكون (المانشيت ) العريض بالمحصلة اعتذارا للطرف الثاني بعد جولة شاقة من الشك، ويعد بأنها الأخيرة ، الا ان حليمة لا تلبث ان تعود الى عادتها القديمة، وتبقى سهام الشريك مصوبة مرة أخرى لرمي جسد العلاقة الزوجية.
الشك في الحياة الزوجية يقتل السعادة، وهو الوجه السيئ من الغيرة، ينهك الطرفين بدوامة الأسئلة والرقابة، وغالبا ما تتسع دائرة الشك وتظهر بسلوكيات وتصرفات مستفزة بين الزوجين فأحدهما يعاني من نار الشك والآخر يحاول إخمادها، وفي هذه المحاولات يخيم الصمت تارة والصراخ تارة أخرى، ويرجع الشك لأسباب نفسية أو اجتماعية أو اعتقاد مغلوط ينتج عن تفسير لبعض المشاكل بينهما والتي أمرها عزوف احد الزوجين ورفضه للآخر، وفي هذا التخصص نسلط الضوء على الجانب الآخر من الحياة للعلاقة الزوجية.

قاب قوسين من الانتحار !!
حول حياتي الى جحيم لا يطاق من خلال شكه القاتل بي رغم سمعتي وسمعة عائلتي الطيبة والعريقة وشهادة زملائي ومعارفي وابناء محلتي بحسن خلقي وعفة نفسي , تزوجته رغما عني , بعد ان اجبرتني والدتي على الاقتران به , فوضت امري الى الله وعشت معه في باديء الامر بسعادة , وانجبت اولاد وبنات , وبمرور الاعوام بدأ شكه غير المبرر فدمر حياتي واثر تاثيرا سلبيا على نفسيتي ونفسية الاولاد , وذات يوم عزمت على الانتحار لوضع حد لعذاباتي اليومية , الا اني فكرت بمصير الاطفال فعدلت عن الفكرة , وأستسلمت للامر الواقع , اموت يوميا الف مرة , كنت اتمنى ان اعيش حياتي كما كنت اراها في احلام الشباب ..
تصمت .. وتسرح بعيدا لايام مضت ولشباب دمره شك قاتل بكل شيء , تمسح دمعة انسابت من عينيها , وتقول : حسبي الله ونعم الوكيل بحق من كان سببا لدمار احلى واجمل ايام حياتي وجعل الالم رفيقي والدموع سلوتي .. والوجع يسكن ضلوعي .. واللوعة تشل قدرتي على تحمل مزيدا من الوجع !!
قصة ( خ ك ) هي واحدة من الاف القصص بسبب شك الازواج بزوجاتهم وبالعكس .. لنقرأ عبر هذه السطور قصصا أخرى .

الطريق المسدود
تقول (سناء عبد الله) أم لخمسة أبناء وموظفة في احد المصارف الاهلية في الكرادة : في بداية زواجي كان زوجي إذا خرج يقوم بقفل الأبواب علي من الخارج، وإذا كا ن موجوداً في المنزل فإنه يقوم باستعراض الأرقا م التي اتصلت بها او التي تلقيتها، أما الخروج معه للاماكن العامة فهو كارثة لأن أي شخص ينظر إلي لو صدفة يعتقد ان له علا قة بي، ووصلنا إلى طرق مسدودة وشعرت أن الشك يقتله ويقتلني معه، وتضيف قائلة لم اتحمل السجن الذي كنت فيه فقررت اخبار والدي والذي بدوره تحد ث مع زوجي ومنحه فرصة لتغيير طريقة معاملته معي، وبقيت في منزل اهلي ثلاثة اشهر بعد ذلك عدت الى زوجي الذي طلب مني نسيان ما مضى ووعدني بتغير معاملته معي، وان السبب في شكه انه كان له عدد من العلاقات الغرامية قبل الزواج.

يستجوب ولدي الصغير !!
اما زينب حسن ام لطفلين وربة منزل، بدأت حديثها بألم وقالت : لقد رزقني الله بزوج مريض بالشك .. ولقد حا ولت معه كثيرا ليتخلص من تلك الصفة ا لسيئة ولكن دون فا ئدة ، ووصل به الحال لاستجواب ولدي علاوي الصغير بعد كل زيارة لأهلي، ويقوم بسؤاله عن كل التفاصيل مثلا من جاء إلى منزل اخوالك، وهل خرجت امك مع احد، لقد بدا يحرض ابنائي على مراقبتي، وتجاوزت المشكلة من علاقتي معه إلى أبنائي وابقي في حيرة كيف أتصرف هل انتقد أباهم أمامهم أم اتركهم حتى يصابوا بمرض الشك كوالدهم ؟!!

رسائل غرامية انهت حياتنا
اما السيدة ايمان العزاوي / مطلقة وموظفة فتقول : تزوجت منذ سنتين ولقد لاحظت بداية حياتي الزوجية بأن زوجي قليل الكلام معي يحب الخروج مع اصدقائه طوال الوقت وبدأت أظن بأن له علاقة مع إحدى الفتيات ولكنه رفض الاعتراف، ومع مرور الوقت اكتشفت بأن توقعاتي في مكانها.
وتستكمل حديثها وهذا عندما وجدت الرسائل الغرامية في جواله وعندما واجهته اعترف بذلك وطلب الصفح واعطيته فرصة ولكن مع الأسف لم يكن صادقاً معي عندها طلبت الطلاق وانتهت حياتنا.

قصص واقعية
رصدنا بعض حالات الخلافات الاسرية في محاكم الاحوال الشخصية في بغداد ، والناجمة عن اصابة احد الزوجين بمرض الشك، وتحديدا الزوج، نستعرضها على لسان الزوجات اللواتي توجهن لتلك المحاكم لطلب الطلاق بعد استحالة استمرار الحياة الزوجية .

قصة دعاء مع صاحب المولدة
تقول دعاء حسين : في البداية كنت سعيدة بغيرته عليّ، وكنت اعتبرها من علامات الحب الذي يكنه لي، ولكني لم اتصور أن الأمر سيتطور إلى الدرجة التي يتهمني فيها بالخيانة لمجرد أني تحدثت مع صاحب المولدة من خلف الباب كي أسأله عن المتبقي له من الحساب، هذا بالرغم من أنني تجنبت كل ما قد يثير شكوكه، فلم أعد أزور صديقاتي، وهيهات هيهات لو ان هذا الامر غيَّر شيئا، بل تمادى في شكوكه أكثر واكثر حتى قررت طلب الطلاق.

وصلني الى عيادات الطب النفسي !!
اما زهراء : فتقول ..عندما قررت الارتباط بزوجي، لم اكن اتوقع ان يوصلني الى عيادات الطب النفسي في الوقت الذي يرفض هو فيه الاعتراف بحاله، وان ينعتني بانني مثيرة للشك والريبة، وقد كان من نتائج شكه بي، نومه أمام باب المنزل الداخلي المواجه للدرج ويوصده بقفل، بينما أنام أنا وابنائي، في الطابق الثاني من المنزل !!

يوظف اشخاصا لمراقبتي !!
وهنا تقول رغد عبد الله : تزوجت منذ خمس سنوات، وبعد انجاب المولود الاول .. بدأت شكوك زوجي غير الطبيعية تزيد فترة .. بعد اخرى .. واخذ يفتش هاتفي ويراقبني بسيارته ، وعندما يكون في العمل يوظف اشخاصا ليراقبوني، بل احياناً يطلب ان اضع الهاتف في حال الرد ليسمع كل ما أقوله، حتى وصل الامر حد التدقيق في تفاصيل ملابسي معتقداً اني ألبس للآخرين.
وتضيف الزوجة نفسها: لقد تعبت من هذا الوضع الذي مضى عليه نحو 3 سنوات، واشعر باني في المكان الخطأ ومع الرجل الخطأ، واهلي وأقاربي صاروا على علم بحالنا وكيف ان الثقة بيننا بدأت تذوب شيئا .. فشيئا .. ومن هنا لم يبق لي منفذ الى الراحة والحرية والتخلص من هذا العذاب سوى طلب الطلاق ..

رأي الباحث الاجتماعي
وأشار الباحث الاجتماعي عباس الحيدري إلى أن الشك بشكل عام فكرة تتملك الإنسان تجاه الأشخاص أو الأماكن أو الأشياء أو المواقف وتؤدي إلى ضيق واضطراب في المزاج. وهو تحير المكلف وتردده في وقوع الشيء وعدمه بحيث يتساوى احتمال وقوع الفعل أو عدم وقوعه دون رجحان أحدهما على الآخر. وهو بذلك يختلف عن الظن والذي يكون فيه احتمال الوجود أو احتمال العدم أحدهما أرجح من الآخر. وهو شعور إنساني عادي إذا كان في حدوده الطبيعية، أما إذا صار مرضياً فيمكن أن يكون تأثيره سلبياً على حياة الإنسان. والشك مرتبط بشخصية الإنسان والتي يلعب في تكوينها كل من العوامل الوراثية والعوامل البيئية الخارجية. ويختلف الشك باختلاف مزاج الفرد وذكائه وظروفه الاجتماعية والاقتصادية وتنشئته الاجتماعية التي يتطبع بها في بيئته الأسرية يسقط ذلك على أفعال الآخرين وسلوكهم.

الكذب بذرة الشك
اما الاعلامية والناشطة المدنية هديل ليث فقالت : إن فقدان الثقة بين الزوجين من اخطر المشكلات الاجتماعية التي تواجه الأسرة وهي مشكلة في غاية الخطورة خاصة إذا كانت الأسرة في بدايتها وهناك العديد من الأسر التي انهارت بسب الشكوك وهناك العديد من الأسر التي تعاني ولاتزال من المشاكل التي تترتب على ضعف أو فقدان الثقة وتعود مشكلة فقدان الثقة بين الزوجين والذي يتبعه عادة زيادة في الشك والقلق بينهما وبذلك يفسر كل منهما سلوك الطرف الآخر بناء على شكوكه ومخاوفه ولايمكن الاعتماد على عامل واحد في تفسير الشك ولكن الشك يعود إلى العديد من العوامل التي يمكن أن تكون سبباً لحدوث الشك بين الزوجين، ويمكن أن تنقسم إلى أسباب نفسية ذاتية، وأسباب خارجية اجتماعية، وهذه الأسباب شاملة للزوجين فبالنسبة للأسباب عدم الثقة بين الزوجين منها الكذب، إخفاء بعض الأمور عن الطرف الآخر، تدخل بعض الوشاة بين الزوجين، ضعف الوازع الديني، وجود بعض التغيرات في حياة احد الزوجين أو كلاهما، عدم الحكمة في بعض التصرفات، القيام ببعض التصرفات التي تثير الشك سواء من الزوج أو الزوجة فالمرأة عندما تشك في زوجها تفسر سلوكه وتصرفاته بوجود إمرة أخرى في حياته وتبدأ تلح عليه بالأسئلة…. أين ذهب…. ومتى سيعود وتراقب جواله وكذلك الرجل لايختلف كثيراً عن المرأة لأنه إذا شك في تصرفاتها فإنه، يبدأ بمراقبة تحركاتها واتصالاتها مكالماتها ويتدخل في خصوصياتها الصغيرة.

اسئلة واستجوابات !!
اما الدكتور حسين العبادي / رئيس جمعية ايتام العراق , فقد عبر عن رأيه قائلا : هل تعرف اخي موضوعك هذا رائعا وحقيقة , وساشرح لك ما جرى لعائلتي من شك (الزوجة) انك والكثير من الاصدقاء يعرفون مدى علاقتي مع احبتي واصدقائي اذ كنت غالبا ما اواجه أسئلة على شكل أستجواب من زوجتي السابقة اين ما اذهب |.. اين ما اكون .. وان كنت مع احد الاصدقاء او بعمل ما – اتفاجئ بقولها – اين كنت ومع من – بحيث كرهت حتى اليوم الذي تزوجت فيه – ولن تنتهي تلك الكلمات الموجهة لي من قبل الزوجة , وللاسف هجرتها من عام 1999 وليومنا هذا , وهي اليوم بمثابة اختي وانا اخوها , فالشك دمر الكثير من العوائل ومزق الكثير من العلاقات الحميمة بين الازواج , انه حقا موضوع راقي وهادف .. ارجو من من يقرأ كل العبارات ان يتجنب الشك القاتل .. ان كان رجل او امرأة !!