عبد الرسول الاسدي
حين كنا نجلس على مقاعد الدرس في المرحلة الإبتدائية كان تعريف الوطن ببساطة هو بقعة من الأرض التي لديها حدود ويسكنها شعب بمصير واحد . لم افهم حينها الكثير من التفصيلات تلك ولا زلت حتى اللحظة لا أفهم كيف يمكن إختصار الوطن بهذه الكلمات المجردة المفرغة من محتواها والتي تنم عن تسطيح للمعنى بهذا الشكل المفجع .
الوطن كل شيء وليس مجرد بقعة أرض تحدها حدود وتجمع أبناءها مصائر مشتركة . فهو جزء من الروح إن لم يكن الروح كلها والدليل على ذلك هو أن الأرواح تزهق وتغادر حين نقدمها قربانا وفداءا للوطن إذا تعرض لأي إعتداء أو أذى من أي جهة كانت .
العراق ليس كمثله وطن فهو في وجهة نظرنا يختلف عن سواه طالما انه إشتمل على ملامحنا السرمدية وتمدد في عروق أغانينا وصنع حولنا دوائر من جمال وإنغرس في الجذور ممتدا من وريد الفرات الى شريان دجلة .
هذا البلد الشاهق العلياء يستحق اليوم أن نلتفت اليه باناقة ونهرع الى الدفاع عنه لصناعة مستقبل يليق بأبناءه الكرام بعيدا عن السباقات السياسية والتسميات الانتمائية لان العراق يحب من يتجرد من كل شيء ويسرع ليسابق أفكاره وأمنياته وتفاصيله من أجله وحده فقط .
هكذا تعلمنا الدرس جيدا وحفظنا معزوفة العراق الأزلية التي ترتبط بهذا الوطن الأغر الذي إمتد على مسافة إنسانية واحدة من كل قضايا مصيرنا جامعا بين أنامله بكم هائل من الإيثار والروعة والعلياء .
لايكفي أن نقول فيه ماقاله كم هائل من الشعراء وأصحاب الكلام والتأنيق لكن يجب أن نذكر بين وقت وآخر أن هذا الوطن يحتاج الى المزيد من الرعاية والعناية من قبل المسؤولين حتى يشعر أبناءه القادمين أن الوطن ليس مجرد سياج يحيط بأرض بل هو سياج القلب وباكورة الشعور وإرتماء في أحضان الضمير وولوج الى أرض الإنعتاق من خطايا المسافات ومشاوير الأزمة .
العراق أكبر من إسطورة وأكثر واقعية من وطن لكنه على خريطة القلب كل شيء جميل .