ريما العبلي. /الأردن
أنا أوّل الأموات، وآخِر الأحياء أنا ..
لَم ألبَث في محطّاتِ الهَوى طَويلًا
بل كانَت تَركِلني القُلوب نَحو سَفحِ الجَبَل الحَزين،
وتَترُكني أُصارِع الإنزِلاقَ على حافّتهِ وَحيدًا
فَتَنزَلِقُ قَدمايَ
وأسقُط على أرضٍ مِن ذاكِرةٍ مَتينة،
تُؤلِمُني الذِّكريات
وتَحتَضِنني كَأُمّي!
فَأُنسى كأنَّني أوّل الأموات، لكنّي لا أنسى
كَم كانوا قُساةً
وكَم كانَت بَريئةٌ تَوقُّعاتي.
تَلفِظني مَلاجِئ الهَوى كَما يَلفِظُ جَسد الفَتاة سُمومهِ
في صَباحٍ باكٍ وبارِدٍ
فَأفيضُ دمعًا على خدِّ اللَّيل
و دَمًا على جَبينِ النَّهار.
لا شيءَ يُؤنِسني سِوى ضَجيج الهُدوء
في غُرفةٍ يَكادُ سَقفها يَتهاوى من فَرطِ أنينيَ الصَّامِت،
لا شيءَ يُعيدُ إليَّ ضِحكَتي المَفقودة في ظَلامِ الزَّمن،
ولا شيءَ يُغنِّي لي كَي أهدَأ
غيرَ أنّي و إن رَحَلتُ -لَن أُنسى-
بَل آخِر الأحياءِ أنا في ذَواتِهم
نَقشتُ ذاتي على حِجارَةِ أرواحِهِم
وَ رفعتُ سِتارَة الماضي كَي يَنهَضَ الماضي.
فَوقفتُ على سَطحِ الذّكرى مُلوِّحًا بِيديَّ
لَعَربَةِ السَّفَر ..
فَقَد آنَ السَّفر
بَعدَما وثَّقتُ ذاتِي
وأبقيتُ فيهِم لَعنةَ كلِماتي ..
أنا وإن كُنتُ أوَّل الأموات؛ فإنِّي آخِرُ الأحياءَ في الذّاكِرة ..
لَن يُميتني مَماتي.